الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلَّذِي فَطَرَنَا فَٱقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَآ }

قوله { لَن نُّؤْثِرَكَ } أي لن نختار اتباعك وكوننا من حزبك، وسلامتنا من عذابك على ما جاءنا من البينات. كمعجزة العصا التي أتتنا وتيقنا صحتها. والواو في قوله { وَٱلَّذِي فَطَرَنَا } عاطفة على " ما " من قوله { عَلَىٰ مَا جَآءَنَا } أي لن نختارك { عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ } ولا على { وَٱلَّذِي فَطَرَنَا } أي خلقنا وأبرزنا من العدم إلى الوجود. وقيل هي واو القسم والمقسم عليه محذوف دل عليه ما قبله. أي { وَٱلَّذِي فَطَرَنَا } لا نؤثرك { عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ } ، { فَٱقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ } أي اصنع ما أنت صانع. فلسنا راجعين عما نحن عليه { إِنَّمَا تَقْضِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَآ } أي إنما ينفذ أمرك فيها. فـ " هَذِهِ " منصوب على الظرف على الأصح. أي وليس فيها شيء يهم لسرعة زوالها وانقضائها. وما ذكره جل وعلا عنهم في هذا الموضع من ثباتهم على الإيمان، وعدم مبالاتهم بتهديد فرعون ووعيده رغبة فيما عند الله ـ قد ذكره في غير هذا الموضع. كقوله في " الشعراء " عنهم في القصة بعينهاقَالُواْ لاَ ضَيْرَ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ } الشعراء 50. وقوله في " الأعراف "قَالُوۤاْ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ } الأعراف 125-126. وقوله { فَٱقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ } عائد الصلة محذوف، أي ما أنت قاضيه لأنه مخفوض بالوصف، كما أشار له في الخلاصة بقوله
كذاك حذف ما يوصف خفضا كأنت قاض بعد أمر من قضى   
ونظيره من كلام العرب قول سعد بن ناشب المازني
ويصغر في عيني تلادي إذا انثنت يميني بإدراك الذي كنت طالبا   
أي طالبه.