الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلّجَنَّةِ زُمَراً حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ }

{ وسيق الذين اتقوا ربهم الى الجنة } حال كونهم { زمرا } جماعات متفاوتين حسب تفاوت مراتبهم فى الفضل وعلو الطبقة وذلك قبل الحساب او بعده يسيرا او شديدا وهو الموافق لما قبل الآية من قولهووضع الكتاب } والسائقون هم الملائكة بامر الله تعالى يسوقونهم مساق اعزاز وتشريف بلا تعب ولا نصب بل بروح وطرب للاسراع بهم الى دار الكرامة والمراد المتقون عن الشرك فهؤلاء عوام اهل الجنة وفوق هؤلاء من قال الله تعالى فيهموازلفت الجنة للمتقين } وفوقهم من قال فيهميوم نحشر المتقين الى الرحمن وفدا } وفرق بين من يساق الى الجنة وبين من قرب اليه الجنة وفى الحقيقة اهل السوق هم الظالمون واهل الزلفى المقتصدون واهل الوفاء السابقون. واعلم انه اذا نفخ فى الصور نفخة الاعادة واستوى كل واحد من الناس على قبره يأتى كل منهم عمله فيقول له قم وانهض الى المحشر فمن كان له عمل جيد يشخص له عمله بغلا. ومنهم من يشخص له عمله حمارا. ومنهم من يشخص له عمله كبشا تارة يحمله وتارة يلقيه وبين يدى كل واحد منهم نور شعشعانى كالمصباح وكالنجم وكالقمر وكالشمس بقدر قوة ايمانهم وصلاح حالهم وعن يمينه مثل ذلك النور وليس عن شمائلهم نور بل ظلمة شديدة يقع فيها الكفار والمرتابون والمؤمن يحمد الله تعالى على ما اعطاه من النور ويهتدى به فى تلك الظلمة. ومن الناس من يسعى على قدميه وعلى طرف بنانه. قيل لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كيف يحشر الناس يا رسول الله قال " اثنان على بعير وخمسة على بعير وعشرة على بعير " وذلك انهم اذا اشتركوا فى عمل يخلق الله لهم من اعمالهم بعيرا يركبون عليه كما يبتاع جماعة مطية يتعاقبون عليها فى الطريق فاعمل هداك الله عملا يكون لك بعيرا خالصا من الشرك. ومنه يعلم حال التشريك فى ثواب العمل فالاولى ان يهدى من المولى لكل ثواب على حدة من غير تشريك الآخر فيه ـ روى ـ ان رجلا من بنى اسرائيل ورث من ابيه مالا كثيرا فابتاع بستانا فحبسه على المساكين وقال هذا بستانى عند الله وفرق دراهم عديدة فى الضعفاء وقال اشترى بها من الله جوارى وعبيدا واعتق رقابا كثيرة وقال هؤلاء خدمى عند الله والتفت يوما الى رجل اعمى يمشى تارة ويكب اخرى فابتاع له مطية يسير عليها وقال هذه مطيتى عند الله اركبها قال عليه السلام فى حقه " والذى نفسى بيده لكأننى انظر اليها وقد جيىء بها اليه مسرجة ملجمة يركبها ويسير بها الى الموقف "
در خير بازست وطاعت وليك نه هركس تواناست برفعل نيك   
{ حتى اذا جاؤها } تاجون بيايند به بهشت { وفتحت ابوابها } اى والحال انه قد فتحت ابوابها الثمانية لئلا يصيبهم وصب الانتظار مع ان دار الفرح والسرور لا تغلق للاضياف والوافدين باب الكرم.

السابقالتالي
2 3