الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ }

{ يا أيها النبى } اعلم ان الله تعالى خاطب الانبياء عليهم السلام باسمائهم الشريفة مثل يا آدم ويا نوح ويا موسى ويا عيسى وخاطب نبينا صلى الله تعالى وسلم بالالقاب الشريفة مثل يا ايها النبى ويا ايها الرسول وذلك يدل على علو جنابه عليه السلام مع ان كثرة الالقاب والاسماء تدل على شرف المسمى ايضا. قال ابو الليث فى آخر سورة النور عند قوله تعالىلا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا } النور 63 اى لا تدعوا محمدا صلى الله عليه وسلم باسمه ولكن وقروه وعظموه فقولوا يا رسول الله ويا نبى الله ويا ابا القاسم. وفى الآية بيان توقير معلم الخير فامر الله تعالى بتوقيره وتعظيمه. وفيه معرفة حق الاستاذ. وفيه معرفة حق اهل الفضل ا هـ. اقول ولذا يطلق على اهل الارشاد عند ذكرهم الفاظ دالة على تعظيمهم على أى لغة كانت لانه اذا ورد النهى عن التصريح باسماء الآبا الصورية لكونه سوء ادب فما ظنك بتصريح اسماء الآباء المعنوية والمعنى يا ايها المبلغ عن الله والمخبر أو يا صاحب علو المكانة والزلفى لان لفظ النبى ينبئ عن الانباء والارتفاع { جاهد الكفار } اى المجاهرين منهم بالسيف والجهاد عبارة عن بذل الجهد فى صرف المبطلين عن المنكر وارشادهم الى الحق والمنافقين بالحجة واقامة الحدود فانهم كانوا كثيرى التعاطى للاسباب الموجبة للحدود ولا تجوز المحاربة معهم بالسيف لان شريعتنا تحكم بالظاهر وهم يظهرون الاسلام وينكرون الكفر { واغلظ عليهم } اى على الفريقين جميعا فى ذلك واعنف بهم ولا ترفق
هست نرمى آفت جان سمور وزدرشتى ميبردجان خاربشت   
قال عطاء نسخت هذه الآية كل شيء من العفو والصفح لان كل وقت حكما { ومأويهم جهنم } جملة مستأنفة لبيان آجر امرهم اثر بيان عاجله { وبئس المصير } اى بئس الموضع موضعهم الذى يصيرون اليه ويرجعون. والفرق بين المرجع والمصير ان المصير يجب ان يخالف الحالة الاولى ولا كذلك المرجع وفى الحديث " اوصيك بتقوى الله فانها رأس امرك " يعنى اصل الطاعة وهو الخوف من الله تعالى فان المرء لا يميل الى الطاعة ولا يرغب عن المعصية الا بالتقوى فاذا غرس شجرة التقوى فى القلب تميل اطراف الانسان الى جانب الحسنات ولا يقدم على ارتكاب السيآت " وعليك بالجهاد فانه رهبانية امتى " الرهبانية الخصال المنسوبة الى الرهبان من التعبد فى الصوامع والغيران وترك اكل اللحم والطيبات ولبس الخلل من الثياب فقد افاد النبى عليه السلام ان الثواب الذى يحصل للامم السالفة بالرهبانية يحصل لهذه الامة المرحومة بالغزو وان لم يترهبوا بل رب آكل ما يشتهيه خير من صائم نبت حب الدنيا فيه قال السعدى قدس سره

السابقالتالي
2