الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }

{ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ } الرحمة هٰهنا النبوة والولاية يختص بهما من يشاء من صفوة خلقه لان سبق عنايته قبل وجود المجاهد والمجاهده والشواهد والبراهين والكون والعلل فمن أشرقه نور المشاهدة وملأ سمع سره من خصائص الخطاب وسكرت روحه من شراب الوصلة فانى له النظر الى نفسه ومعاملته ومجاهدته لان من النقص صار مراداً وان ذل ومحبوباً وان اعتد والاختصاص الاصلي يقع على ثلاثة احوال الاول هو مكاشفة غيب الملكوت والثانى يقع على مشاهدة الجبروت والثالث يقع على مدارج المعرفة والتوحيد وهو اعلى واجل لان فيها السكر والبسط والصحو والانبساط والايجاب والانانية والفردانية والحرية والاتصاف بالربوبية وهذه اصل حقائق التمكين وتحقيق التوحيد وقال ابو عثمان امهل القول ليبقى معه رجاء الراجى وخوف الخائف وقال بعضهم ازال العلل فى العطايا والنفوس عن ملاحظات المجاهدات فاقطعهم عن الشواهد والموارد وقال سهل من نال الهداية والقربة نالهما بربه لا بنفسه وقال الواسطى ارتفعت العلل فى العطايا وفيما اظهر من النعوت والخفايا وفتر النفوس عن مطالعات المجاهدات وكيف يتوسل المتوحد بالوسائل من اعمال البر بعد قوله { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ } وايقن بان ليس اليه طريق بالشواهد والموارد والعوائد والفوائد وقال ابن عطاء أنبأ ان لا طريق اليه بالعوائد والفوائد وقال الواسطى يختص برحمته من يشاء ان يكون بحيث كنت بلا انت ويكون القائم هو لك بذاته ونعته وقال ايضا من تجلى له باحوال ليس كمن تجلى له بحالة واحدة كذلك يختص برحمته من يشاء وقال ايضا لما ان يشاهدوا البرهان وعاينوا الفرقان فزعوا من صفاتهم الى صفاته ومن فعلهم الى فعله فسكنوا الى ما سبق حُسناه حيث يقول ان الذين سبقت لهم منا الحسنى وقال ابو سعيد الحراز ان الرحمة ههنا فهم معانى السماع بالسمع الحقيقى وهو الذى خص به الحق خواص السادة من عباده وقال الفارس هو الهداية والخدمة والمشاهدة والولاية والنبوة والرسالة ولولا انه خصهم بما خصهم به ما ظهر عليهم من اثار الموافقة شئ قال ابو سعيد الحراز اختص الله من عباده خواص جعلهم اهل ولايته فقال يختص برحمته من يشاء فطوبى لهذا العبد الضعيف ما حباه به سيده من هذه الدرجة العظيمة وسئل ابن عطاء ما الذى فتر العابدين عن عبادتهم قال قوله { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ } وقال بعضهم يختص برحمته من يشاء بمعرفة نعمه عليه والقيام بشكرها وقال الاستاذ اى بنعمته من يشاء فقوم اختصهم بنعمة الارزاق وقوم اختصهم بنعمة الاخلاق وقوم اختصهم بنعمة العبادة وأخرين بنعمة الارادة وآخرين بتوفيق الظاهر وآخرين بتحقيق السرائر وآخرين بعطاء الايثار وآخرين بلقاء الاسرار قال الله تعالىوَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَآ } وقيل لما سمعوا قوله سبحانه { يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ } علموا ان الوسائل ليس بها شئ وان الامر بالابتداء والمشيئة وقيل يختص برحمته من يشاء بالفهم عنه فيما يكاشفه به من الاسرار ويلقيه اليه من فنون التعريفات.