الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً }

{ مِن حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَآ أصَابَكَ مِن سَيِئَةٍ فَمِن نَفْسِكَ } وهذا آخر الرد عليهم، والمحكى بقل، أى قل فيهم يا محمد كل من الحسنة والسيئة بإرادته، يبسط ويقبض، وقل بعد ذلك فمال هؤلاء القوم القائلين الحسنة من الله، والسيئة من عندك، حال كونهم لا يكادون يفقهون قولا عظيما بليغا فى الوعظ، سهل الفهم وهو القرآن، أو كلاما من القرآن، أعنى أن التنكير للتعظيم أو للتعميم، ولست أعنى القرآن كله فى الوجه الأول، أو أراد قولا ما من أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الوعظ، أو كلاما من كلام القرآن أو النبى صلى الله عليه وسلم وغيره، فى الوعظ، أو غير الوعظ. شبههم بالبهائم لا أفهام لهم ولو تدبروا كلام الله أو رسوله، لعلموا أن الكل من عند الله، أو حديثا بمعنى ما يحدث من صروف الدهر، فلو تفكروا فيه لعلموا أن القابض الباسط هو الله جل وعلا، والمراد بقولهكل من عند الله } أنه كما أن الحسنة من الله، كذلك السيئة منه، ليس محمد هو الذى جاء بها فهذا دل أن قولهم هذه من عندك بمعنى أنه جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم، ويجوز أن تكون الحكاية انتهت فى قولهمن عند الله } وقولهفما لهٰؤلاء } مستأنف زيادة فى الرد عليهم الى { فَمِن نَفْسِكَ }. وعلى هذا فالخطاب فى قوله { مَآ أَصَابَكَ } 00الخ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويلتحق به غيره التحاقا أو للانسان على العموم البدلى أو لنوع الانسان، ومعنى { فَمِنَ الله } أنها من الله خلقا لها وتفضلا بها منه على العباد، فان الانسان ولو عبد الله آلاف أضعاف عبادة الملائكة كلهم، والخلق كلهم، من حين خلقوا الى فناء الدنيا، أو آلاف أضعاف ذلك الزمان، لم تكن طاعتهم تفى بنعمة ما، فكل نعمة منه فضل. وما أصابك من سيئة فلتقصيرك أيها الانسان تقصيرا ما، أو لذنبك ذنبا ما، فكيف أصحاب الذنوب الكبار كاليهود والمنافقين، وكل من الله، لكن الحسنة الاحسان والامتنان، وتكون استدراجا أيضا، والسيئة جزاء وانتقام، أو غفران أو اعلاء درجة. قالت عائشة رضى الله عنها " ما من مسلم يصيبه وصب ولا نصب حتى الشوكة يشاكها حتى انقطاع شسع نعله الا بذنب وما يعفوا الله أكثر " وفى مصحف ابن مسعود فمن نفسك وأنا قضيتها عليك، وقرأ ابن عباس بهذا، وفى رواية عن ابن عباس وأنا قدرتها عليك، وذكر الداودى أن الخطاب فى قوله { مَآ أَصَابَكَ مِن حَسَنَةٍ }.. الخ للنبى صلى الله عليه وسلم والمراد غيره، وليس المراد بالحسنة والسيئة الطاعة والمعصية، فضلا عن أن يستدل بها من زعم من القدرية أن المعصية خلقها فاعلها، وأن علم الله لم يجر عليها حتى وقعت، ومن زعم ذلك ولكن زعم أنه علم فى الأزل أن فاعلها سيخلقها كل ذلك كفر.

السابقالتالي
2