الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي (ت 1431 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنْشَأَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ ٱخْتِلاَفُ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }

أى " وهو " الله - تعالى - وحده، " الذى أنشأ لكم " أيها الناس بفضله ورحمته " السمع " الذى تسمعون به " والأبصار " التى تبصرون بها " والأفئدة " التى بواسطتها تفهمون وتدركون... ولو تدبر الإنسان هذه النعم حق التدبر لاهتدى إلى الحق. ولآمن بأن الخالق لهذه الحواس وغيرها. هو الله الواحد القهار. ولكن الإنسان - إلا من عصم الله - قليل الشكر لله - تعالى - ولذا قال - سبحانه - { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } أى شكراً قليلاً ما تشكرون هذه النعم الجليلة، بدليل أن أكثر الناس فى هذه الحياة، كافرون بوحدانية الله - تعالى -. فلفظ " قليلاً " صفة لموصوف محذوف، و " ما " لتأكيد هذه القلة وتقريرها. وقوله - سبحانه - { وَهُوَ ٱلَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } بيان لنعمة أخرى من نعمه التى لا تحصى. أى وهو - سبحانه - الذى أوجدكم من الأرض، ونشركم فيها عن طريق التناسل، وإليه وحده تجمعون يوم القيامة للحساب. ثم ذكر ما يدل على كمال قدرته فقال { وَهُوَ ٱلَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ } بدون أن يشاركه فى ذلك مشارك، { وَلَهُ } وحده التأثير فى اختلاف الليل والنهار وتعاقبهما، وزيادة أحدهما ونقص الآخر، { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } وتدركون ما فى هذا كله من دلائل واضحة على وحدانية الله - تعالى - وقدرته؟ ثم حكى - سبحانه - بعد ذلك أن هؤلاء المشركين، لم يقابلوا نعم الله - تعالى - عليهم بالشكر، وإنما قابلوها بالجحود وبإنكار البعث والحساب، وأمر - سبحانه - رسوله صلى الله عليه وسلم أن يرد عليهم فقال - تعالى - { بَلْ قَالُواْ... }.