قوله تعالى: { وَإِنَّهُ } أي الإنسان من غير خلاف. { لِحُبِّ ٱلْخَيْرِ } أي المال ومنه قوله تعالى:{ إِن تَرَكَ خَيْراً } [البقرة: 180]. وقال عدِيّ:
ماذَا تُرَجِّي النفوسُ من طلبِ الـ
ـخَيْر وحُبُّ الحياةِ كارِبُها
{ لَشَدِيدٌ } أي لقوِيّ في حبه للمال. وقيل: «لشدِيد» لبخيل. ويقال للبخيل: شديد ومتشدّد. قال طَرفة:
أَرَى الموتَ يعتامُ الكِرامَ ويَصْطَفِي
عَقِيلَةَ مالِ الفاحِشِ المُتَشَدِّدِ
يقال: اعتامه واعتماه أي اختاره. والفاحِشُ: البخيل أيضاً. ومنه قوله تعالى:{ وَيَأْمُرُكُم بِٱلْفَحْشَآءِ } [البقرة: 268] أي البخل. قال ابن زيد: سمى الله المال خيراً وعسى أن يكون شراً وحراماً ولكن الناس يَعُدّونه خيراً، فسمَّاه الله خيراً لذلك. وسمى الجهاد سُوءاً، فقال:{ فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ } [آل عمران: 174] على ما يسميه الناس. قال الفرّاء: نظم الآية أن يقال: وإنه لشديد الحبّ للخير فلما تقدّم الحب قال: شديد، وحذف من آخره ذكر الحب لأنه قد جرى ذكره، ولرؤوس الآي كقوله تعالى:{ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ } [إبراهيم: 18]، والعُصُوف: للريح لا الأيام، فلما جرى ذكر الريح قبل اليوم، طرح من آخره ذكر الريح كأنه قال: في يوم عاصِف الريح.