الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً } * { ثُمَّ إِنِّيۤ أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً }

واعلم أن هذه الآيات تدل على أن مراتب دعوته كانت ثلاثة، فبدأ بالمناصحة في السر، فعاملوه بالأمور الأربعة، ثم ثنى بالمجاهرة، فلما لم يؤثر جمع بين الإعلان والإسرار، وكلمة { ثُمَّ } دالة على تراخي بعض هذه المراتب عن بعض إما بحسب الزمان، أو بحسب الرتبة، لأن الجهار أغلظ من الإسرار، والجمع بين الإسرار والجهار أغلظ من الجهار وحده، فإن قيل: بم انتصب { جِهَـٰراً }؟ قلنا: فيه وجوه أحدها: أنه منصوب بدعوتهم نصب المصدر، لأن الدعاء أحد نوعيه الجهار، فنصب به نصب القرفصاء بقعد لكونها أحد أنواع القعود وثانيها: أنه أريد بدعوتهم جاهرتهم وثالثها: أن يكون صفة لمصدر دعا بمعنى دعاء جهاراً، أي مجاهراً به ورابعها: أن يكون مصدراً في موضع الحال أي مجاهراً.