قوله: { فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ }: " أصحاب " الأولى مبتدأٌ، و " ما " استفهامٌ فيه تعظيمٌ مبتدأٌ ثانٍ، و " أصحاب " الثاني خبرُه والجملةُ خبرُ الأولِ، وتكرارُ المبتدأ هنا بلفظِه مُغْنٍ عن الضمير ومثلُه{ ٱلْحَاقَّةُ مَا ٱلْحَآقَّةُ } [الحاقة: 1-2]{ ٱلْقَارِعَةُ مَا ٱلْقَارِعَةُ } [القارعة: 1-2] ولا يكون ذلك إلاَّ في مواضعِ التعظيم. وهنا سؤالٌ: وهو أنَّ " ما " نكرةٌ وما بعده معرفةٌ، فكان ينبغي أَنْ يقال " ما " خبر مقدمٌ، " وأصحاب " الثاني وشبهُه مبتدأٌ؛ لأن المعرفة أحقٌّ بالابتداء من النكرةِ. وهذا السؤال واردٌ على سيبويه من مثل هذا، وفي قولك: " كم مالُك " و " مَرَرْتُ برجل خيرٌ منه أبوه " ، فإنه يُعْرِبُ ما الاستفهامية و " كم " و " أَفْعَل " مبتدأ، وما بعدها خبرُها. والجوابُ: أنه كَثُرَ وقوعُ النكرةِ خبراً عن هذه الأشياء كثرةً متزايدةً، فاطَّردَ البابُ ليجريَ على سَننٍ واحدٍ. هكذا أجابوا، وهذا لا ينهضُ مانعاً مِنْ جوازِ أَنْ تكونَ " ما " و " كم " وأفعلُ خبراً مقدماً. ولو قيل به لم يكنْ خطأ بل أقربُ إلى الصوابِ. والمَيْمَنَةُ: مَفْعَلَةُ من لفظِ اليُمْن وكذلك المَشْأَمَة من اليدِ الشُّؤمى وهي الشِمالُ لتشاؤمِ العربِ بها، أو من الشُّؤْم.