الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } * { وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }

قوله تعالى: { لِلْفُقَرَآءِ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه بدل من " لِذي القُربى ". قاله أبو البقاء والزمخشري.

قال أبو البقاء: " قيل: هو بدل من " لذي القُرْبى " وما بعده ".

[وقال الزمخشري: بدل من " لذي القُرْبى " وما عطف عليه]، والذي منع الإبدال من " لله وللرسول " والمعطوف عليهما، وإن كان المعنى لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله - عز وجل - أخرج رسوله صلى الله عليه وسلم من الفقراءِ في قوله: { وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } وأن الله - تعالى - يترفع برسوله صلى الله عليه وسلم عن تسميته بالفقيرِ، وأن الإبدال على ظاهر اللفظ من خلاف الواجب في تعظيم الله عز وجل.

يعني أنه لو قيل: بأنه بدل من " الله ورسوله " صلى الله عليه وسلم وهو قبيح لفظاً، وإن كان المعنى على خلاف هذا الظاهر كما قيل: إن معناه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما ذكر الله - عز وجل - تفخيماً، وإلا فالله - تعالى - غني عن الفيء وغيره، وإنما جعله بدلاً من " لذي القُربى "؛ لأنه حنفي، والحنفية يشترطون الفقر في إعطاء ذوي القربى من الفيءِ.

الثاني: أنه بيان لقوله تعالى:وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } [الحشر: 7]، وكررت لام الجر لما كانت الأولى مجرورة بـ " اللام " ليبين أنَّ البدل إنما هو منها. قاله ابن عطية.

وهي عبارة قلقةٌ جداً.

الثالث: أن " للفقراء " خبر لمبتدأ محذوف، أي: ولكن الفيء للفقراء.

وقيل: تقديره: ولكن يكون للفقراء، وقيل: اعجبوا للفقراء.

قوله " يبتغون " يجوز أن يكون حالاً، وفي صاحبها وجهان:

أحدهما: للفقراء.

والثاني: " واو " أخرجوا. قالهما مكي.

فصل في معنى الآية

ومعنى الآية أن الفيء والغنائم للفقراء والمهاجرين.

وقيل: { كي لا يكون دولة بين الأغنياء } ولكن يكون " للفقراء " وهو مبني على الإعراب المتقدم، وعلى القول بأنه بيان لذوي القربى، " واليتامى والمساكين " أي: المال لهؤلاء؛ لأنهم فقراء ومهاجرون، وقد أخرجوا من ديارهم فهم أحق الناس به.

وقيل:وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ } [الحشر: 6] للفقراء المهاجرين كي لا يكون المال دولة بين الأغنياء مهاجرين من بني الدنيا.

وقيل: والله شديدُ العقاب للفقراء المهاجرين، أي: شديد العقاب للكافر بسبب الفقراء المهاجرين ومن أجلهم، ودخل في هؤلاء الفقراء المتقدم ذكرهم في قوله تعالى:وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ } [الحشر: 7].

قال القرطبي: " وقيل: هو عطف على ما مضى، ولم يأت بواو العطف كقولك: هذا المال لزيد لبكر لفلان.

و " المهاجرون ": من هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم حبًّا فيه ونُصرةً له ".

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9