الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ }

قوله: { لِلْفُقَرَآءِ }: فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنه بدلٌ مِنْ " لذي القُرْبى " قاله أبو البقاء والزمخشري. قال أبو البقاء: " قيل هو بدلٌ مِنْ " لذي القُربى " وما بعده " وقال الزمخشري: " بدلٌ مِنْ قوله " ولذي القُربى " وما عُطِف عليه. والذي مَنَعَ الإِبدالَ مِنْ " لله وللرسول " والمعطوفِ عليهما وإنْ كان المعنى لرسول الله أن اللّهَ عزَّ وجلَّ أخرجَ رسوله من الفقراءِ في قولِه: { وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } وأنه تعالى يترفَّعُ برسوله عن تسميته بالفقير، وأنَّ الإِبدالَ على ظاهرِ اللفظ من خلافِ الواجب في تعظيمِ اللهِ عزَّ وجلَّ " يعني لو قيل: بأنَّه بَدَلٌ مِنْ " لله " وما بعدَه لَزِمَ فيه ما ذُكِرَ: مِنْ أنَّ البدلَ على ظاهرِ اللفظِ يكونُ من الجلالةِ فيُقال: " للفقراء " بدلٌ مِنْ " لله " ومِنْ " رسولِه " وهو قبيحٌ لفظاٌ، وإن كان المعنى على خلافِ هذا الظاهرِ، كما قال: إن معناه لرسولِ الله، وإنما ذُكر اللهُ عزَّ وجلَّ تفخيماً، وإلاَّ فاللهُ تعالى غنيٌّ عن الفَيْءِ وغيره، وإنما جعله بدلاً مِنْ " لذي القُرْبى " لأنه حنفيٌّ، والحنفية يشترطون الفقرَ في إعطاءِ ذوي القُربى مِنَ الفَيْءِ.

الثاني: أنه بيانٌ لقولِه { وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } وكُرِّرتُ لامُ الجر لَمَّا كانت الأُولى مجرورةً باللام؛ ليُبَيِّنَ أنَّ البدلَ إنما هو منها، قاله ابنُ عطية، وهي عبارةٌ قَلِقَةٌ جداً. الثالث: أن " للفقراء " خبرٌ لمبتدأ محذوفٍ، أي: ولكنَّ الفَيْءَ للفقراء. وقيل: تقديرُه: ولكن يكونُ " للفقراء ". وقيل: تقديرُه: اعجَبوا للفقراء.

قوله: { يَبْتَغُونَ } يجوزُ أَنْ يكونَ حالاً. في صاحبِها قولان، أحدهما: للفقراء. والثاني: واو " أُخْرِجوا " قالهما مكي.