الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ } * { فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ }

قوله: { فَإِذَا نُقِرَ }: قال الزمخشريُّ: " والفاءُ/ في قولِه: " فإذا نُقِرَ " للتسبيب، كأنه قيل: اصبِرْ على أَذاهم، فبينَ أيديهم يومٌ عَسيرٌ يَلْقَوْن فيه [عاقبةَ] أذاهم، وتَلْقَى فيه عاقبةَ صبرِك عليه. والفاء في " فذلك " للجزاء ". قلت: يعني أنَّ الفاءَ في " فذلك " جزاءٌ للشرطِ في قولِه: " فإذا نُقِرَ ". وفي العامل في " إذا " أوجهٌ، أحدُها: أنَّها متعلِّقةٌ بـ " أَنْذِرْ " أي: أَنْذِرْهم إذا نُقِر في النَّاقور، قاله الحوفيُّ. وفيه نظرٌ: من حيث إنَّ الفاءَ تمنعُ مِنْ ذلك، ولو أرادَ تفسيرَ المعنى لكان سهلاً، لكنه في مَعْرِضِ تفسيرِ الإِعراب لا تفسيرِ المعنى.

الثاني: أن ينتصِبَ بما دَلَّ عليه قولُه: { فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ }. قال الزمخشري: " فإنْ قلت: بم انتصَبَ " إذا " ، وكيف صَحَّ أَنْ يقع " يومئذٍ " ظرفاً لـ " يومٌ عَسير "؟ قلت: انتصَبَ " إذا " بما دَلَّ عليه الجزاءُ؛ لأنَّ المعنى: فإذا نُقِر في النَّاقور عَسُرَ الأمرُ على الكافرين. والذي أجاز وقوعَ يومئذٍ ظرفاً لـ " يومٌ عسيرٌ " أنَّ المعنى: فذلك يومَ النَّقْرِ وقوعُ يوم عسيرٍ؛ لأنَّ يومَ القيامةِ يقعُ ويأتي حين يُنْقَرُ في الناقور " انتهى. ولا يجوزُ أَنْ يعملَ فيه نفسُ " عَسير "؛ لأنَّ الصفةَ لا تعملُ فيما قبلَ موصوفِها عند البصريين؛ ولذلك رُدَّ على الزمخشريِّ قولُه: إنَّ في أنفسِهم " متعلِّق بـ " بلغياً " في قولِه تعالى في سورةِ النساءِ [الآية: 63]وَقُل لَّهُمْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً } والكوفيون يُجَوِّزون ذلك وتقدَّم تحريرُه.

الثالث: أَنْ ينتصِبَ بما دَلَّ عليه " فذلك " لأنه إشارةٌ إلى النَّقْر، قاله أبو البقاء. ثم قال: " ويومَئذٍ بدلٌ مِنْ " إذا " و " ذلك مبتدأٌ " والخبرُ " يومٌ عسيرٌ " أي: نُقِر يوم. الرابع: أَنْ يكونَ " إذا " مبتدأً، و " فذلك " خبرُه. والفاءُ مزيدةٌ فيه، وهو رأيُ الأخفشِ.

وأمَّا " يومَئِذٍ " ففيه أوجهٌ، أحدها: أَنْ يكونَ بدلاً مِنْ " إذا " وقد تقدَّم ذلك في الوجهِ الثالث. والثاني: أَنْ يكونَ ظرفاً لـ " يومٌ عسيرٌ " كما تقدَّم في الوجهِ الثاني. الثالث: أَنْ يكونَ ظرفاً لـ " ذلك " لأنَّه مُشارٌ به إلى النَّقْر. الرابع: أنَّه بدلٌ مِنْ " فذلك " ، ولكنه مبنيٌّ لإِضافتِه إلى غيرِ متمكِّنٍ. الخامس: أَنْ يكونَ مبتدأً " ويومٌ عسيرٌ " خبرَه، والجملةُ خبرَ " فذلك ".