الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ } * { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ } * { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً } * { وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُوراً }

{ يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ } قال ابن جرير: أي إنك عامل إلى ربك عملاً فملاقيه به، خيراً كان أو شراً. والمعنى: فليكن عملك مما ينجيك من سخطه، ويوجب لك رضاه، ولا يكن مما يسخطه عليك فتهلك. وقال القاشاني: أي: إنك ساع مجتهد في الذهاب إليه بالموت. أي: تسير مع أنفاسك سريعاً. كما قيل: أنفاسك خطاك إلى أجلك؛ أو مجتهد مجدٌّ في العمل، خيراً أو شرّاً، ذاهب إلى ربك فملاقيه ضرورة. قال: والضمير إما للرب وإما للكدح. وأصل الكدح جهد النفس في العمل والكد فيه، حتى يؤثر فيها. من (كدح جلده) إذا خدشه. فاستعير للجد في العمل وللتعب، بجامع التأثير في ظاهر البشرة { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ } وهم من آمن وعمل صالحاً واتصف بما وصف به الأبرار، في غير ما آية { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً } قال ابن جرير: بأن ينظر في أعماله فيغفر له سيئها ويجازي على حسنها. وقال القاشاني: بأن تمحى سيئاته ويعفي عنه ويثاب بحسناته دفعة واحدة، لبقاء فطرته على صفائها ونوريتها الأصلية { وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ } أي: زوجته وأقاربه. أو قومه ممن يجانسه ويقارنه من أصحاب اليمين { مَسْرُوراً } أي: بنجاته من العذاب، أو بصحبتهم ومرافقتهم، وبما أوتي من حظوظه.