الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَٱغْفِرْ لَنَآ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

قوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً } دعاهم الله بالرجوع اليه رجوعا لا انقطاع فيه بحيث اقبلوا على الله نادمين على تضييع الاوقات غير مدبرين عنه الى شئ من دونه حتى وصلوا الى حقيقة الاستقامة فى القلوب مع الله ولا يقدر ان يلتفت الى شئ سوى الله قال الشيخ ابو عبد الله ابن خفيف طالب عباده بالتوبة وهو الرجوع اليه من حيث ذهبوا عنه والنصوح فى التوبة الصدق فيها وترك ما منه تاب سرا وعلنا وقولا وفكرة وقال الواسطى التوبة النصوح لا يبقى على صاحبها اثر من المعصية سرا وجهرا وقال من كان توبته نصوحا لم يبال كيف امسى واصبح قوله تعالى { يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ } لا يتحرى النبى ولا امته بذل الحجاب وسوء الحساب والتعيير والعتاب بل يكون برضاهم ويعطيهم مامولهم ويقبل شفاعتهم لاهل الكبائر وللهالكين ولا يرد عليهم ما يسالون منه من نجاة الخلق ويلبسهم انوار قربه ووصاله ويدخلهم فى حجاب انسه ورياض قدسه وهو قوله { نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ } يستزيدون منه نور القرب بقوله { يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَٱغْفِرْ لَنَآ } اى من نورك حتى نفنى بك ونبقى معك ابد الابدين قال بعضهم فى قوله لا يخزي الله النبى لا يرد شفاعته فى امته والذين امنوا لا يرد شفاعتهم فى اخوانهم واقربائهم وقال ابن عطاء فى قوله يسعى نورهم انما هى انوار: نور التوحيد ونور المعرفة ونور الحقيقة يسعى بهذه الانوار الى محل القرار وقال بعضهم فى قوله ربنا اتمم لنا نورنا لا تقطعنا بك عنك وكن دليلنا منك عليك حتى يتم لنا الانوار فان تمام النور باتمام المنور له وقال سهل لا يسقط الافتقار الى الله عن المؤمنين فى الدنيا والاخرة وهم فى العقبى اشد افتقاراً اليه وان كانوا فى دار العز والغنى لشوقهم الى لقائه يقولون ربنا اتممم لنا نورنا.