الرئيسية - التفاسير


* تفسير مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } * { وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }

يقول تعالى مبيناً حال الفقراء المستحقين لمال الفيء أنهم { الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً } ، أي خرجوا من ديارهم وخالفوا قومهم ابتغاء مرضاة الله ورضوانه، { وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } أي هؤلاء الذين صدقوا قولهم بفعلهم، وهؤلاء هم سادات المهاجرين. ثم قال تعالى مادحاً للأنصار ومبيناً فضلهم وشرفهم وكرمهم وعدم حسدهم وإيثارهم مع الحاجة، فقال تعالى: { وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ } أي سكنوا دار الهجرة من قبل المهاجرين وآمنوا قبل كثير منهم، قال عمر: " وأوصي الخليفة بعدي بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم ويحفظ لهم كرامتهم، وأوصيه بالأنصار خيراً الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبل، أن يقبل من محسنهم وأن يعفو عن مسيئهم ". وقوله تعالى: { يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ } أي من كرمهم وشرف أنفسهم، يحبون المهاجرين ويواسونهم بأموالهم، روى الإمام أحمد، عن أَنَس قال: " قال المهاجرون: يا رسول الله ما رأينا مثل قوم قدمنا عليهم، أحسن مواساة في قليل ولا أحسن بذلاً في كثير، لقد كفونا المؤنة وأشركونا في المهنأ، حتى لقد خشينا أن يذهبوا بالأجر كله، قال: " لا، ما أثنيتم عليهم ودعوتم الله لهم ". ودعا النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار أن يقطع لهم البحرين، قالوا: لا، إلا أن تقطع لإخواننا من المهاجرين مثلها، قال: " إما لا، فاصبروا حتى تلقوني فإنه سيصيبكم أثرة " " وقال البخاري، عن أبي هريرة قال: " قالت الأنصار: اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل، قال: " لا " ، فقالوا: أتكفونا المؤنة ونشرككم في الثمرة؟ قالوا: سمعنا وأطعنا " ، { وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ } أي ولا يجدون في أنفسهم حسداً للمهاجرين، فيما فضلهم الله به من المنزلة والشرف والتقديم في الذكر والرتبة، قال الحسن البصري: { وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً } يعني الحسد { مِّمَّآ أُوتُواْ } قال قتادة: يعني فيما أعطي إخوانهم، وقال عبد الرحمٰن بن زيد في قوله تعالى: { وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ } يعني مما أوتوا: المهاجرون، قال: وتكلم في أموال بني النضير بعض من تكلم في الأنصار فعاتبهم الله في ذلك فقال تعالى:وَمَآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [الحشر: 6] قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " " إن إخوانكم قد تركوا الأموال والأولاد وخرجوا إليكم " ، فقالوا: أموالنا بيننا قطائع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أو غير ذلك؟ " قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: " هم قوم لا يعرفون العمل فتكفونهم وتقاسمونهم الثمر " ، فقالوا: نعم يا رسول الله، وقوله تعالى: { وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } "

السابقالتالي
2 3