الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَـاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً }

قوله: { أَن يُبْدِلَهُمَا }: قرأ نافع وأبو عمرو بفتح الباء وتشديد الدال مِنْ " بَدَّلَ " هنا، وفي التحريم { أَن يُبْدِلَهُ } وفي القلم { أَنْ يُبْدِلَنا } والباقون بسكونِ الباءِ وتخفيفِ الدالِ مِنْ " أَبْدَلَ " في المواضعِ الثلاثة. فقيل: هما لغتان بمعنىً واحد. وقال ثعلب: الإِبدالُ تَنْحِيَةُ جوهرَةٍ، واستئنافُ أخرى. وأنشد:
3193- عَزْلَ الأميرِ للأميرِ المُبْدَلِ   
قال: ألا تراه نَحَّى جسماً، وجعل مكانَه آخرَ. والتبديلُ: تغييرُ الصورةِ إلى غيرِها، والجوهرةُ باقيةٌ بعينِها. واحتجَّ الفراء بقولِه تعالى:يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } [الفرقان: 70] قال: " والذي قال ثعلبٌ حسنٌ، إلا أنَّهم يجعلون اَبْدَلْتُ بمعنى بَدَّلْتُ ". قلت: ومِنْ ثَمَّ اختلف الناسُ في قولِه تعالى:يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ } [إبراهيم: 48]: هل يتغير الجسمُ والصفةُ، أو الصفةُ دونَ الجسمِ؟

قوله: " رُحْماً " قرأ ابن عامر " رُحُماً " بضمتين. والباقون بضمةٍ وسكونٍ وهما بمعنى الرحمة. قال رؤبة:
3192- يا مُنْزِلَ الرُّحْمِ على إدْريسا   ومُنْزِلَ اللَّعْنِ على إِبْليسا
وقيل: الرُّحْم بمعنى الرَّحِم. وهو لائقٌ هنا مِنْ أجلِ القَرابةِ بالولادة. ويؤيِّده قراءةُ ابنِ عباس " رَحِماً " بفتحِ الراءِ وكسرِ الحاءِ. و " زكاة ورُحْماً " منصوبان على التمييز.