الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوۤاْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَٱشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ } * { فَمَنْ تَوَلَّىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ }

قوله: { وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ } قال الزجاج: موضع " إذ " نصب، المعنى: اذكر في أقاصيصك إذ أخذ الله.

قال ابن عباس: والميثاق: العهد، وهو العهد الذي أخذه الله على الأنبياء بتصديق محمد.

أو بتصديق بعضهم بعضاً، أو بتبليغ ما أرسلوا به، أو هو الميثاق الذي أخذه الأنبياء على أممهم، أو هو على حذف المضاف، أي: ميثاق أولاد النبيين، وهم بنو إسرائيل. ويدل عليه قراءة ابن مسعود: " ميثاق الذين أوتوا الكتاب ".

وكان مجاهد والربيع بن أنس يقرآنها كابن مسعود ويحكمان بغلط الكاتب، واحتج الربيع بقوله: { ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ }.

ولا حُجَّة فيه؛ لما ذكرناه من حذف المضاف.

أو يكون التقدير: ثم جاءكم يا أمم النبيين الذين أخذ عليهم الميثاق، فلزمهم ما لزم أنبياءهم.

أو يكون التقدير: ميثاق النبيين وأممهم، فاكتفى بذكر المتبوع عن التابع.

قوله: { لَمَآ آتَيْتُكُم } وقرأ حمزة " لِما " بكسر اللام.

وقرأ نافع: " آتيناكم ". فمَن فتح اللام -قال الزجاج-: هي لام التحقيق دخلت على " ما " الجزاء كما تدخل على " إنْ ".

ومعناه: لمهما آتيتكم من كتاب وحكمة، ثم جاءكم رسول مصدِّق لما معكم لتؤمنن به. وتكون " اللام " في { لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ } جواب الجزاء.

ومن كسر اللام جعلها متعلقة بـ " أخذ " ، أي: أخذ ميثاقهم للذي آتاهم.

وجائز أن تكون " ما " على القراءتين موصولة، أي للذي آتيتكموه لتؤمنن به.

{ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ } وهو محمد، { قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ } أي: قال الله للنبيين: { قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي } أي: عهدي.

وقرأت لعاصم من رواية أبي بكر: " أُصْري " ، بضم الهمزة.

قال أبو علي: يشبه أن يكون الضم لغة.

{ قَالَ فَٱشْهَدُواْ } ، أي قال الله للنبيين: " فاشهدوا " على أممكم، وقيل: اشهدوا على أنفسكم وعلى أتباعكم. { وَأَنَاْ مَعَكُمْ } ، عليكم وعليهم { مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ } وقيل: قال للملائكة: اشهدوا عليهم وأنا معكم من الشاهدين.

{ مَنْ تَوَلَّىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ } قال ابن عباس: أي من أعرض عما جئتَ به، وأنكر ما عاهد الله عليه، { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } الخارجون عن العهد والإيمان.