الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً } * { وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ كَانَ يَئُوساً }

قوله عزّ وجلّ: { وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } ، قيل: " من " ليس للتبعيض، ومعناه: وننزل من القرآن ما كلُّه شفاء، أي: بيان من الضلالة والجهالة، يتبين به المختلف ويتضح به المشكل، ويستشفٰى به من الشبهة، ويهتدىٰ به من الحيرة، فهو شفاء للقلوب بزوال الجهل عنها ورحمة للمؤمنين. { وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّـٰلِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا } ، لأن الظالم لا ينتفع به، والمؤمن مَنْ ينتفع به فيكون رحمة له. وقيل: زيادة الخسارة للظالم من حيث أن كل آية تنزل يتجدد منهم تكذيب ويزداد لهم خسارة. قال قتادة: لم يجالس هذا القرآن أحد إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان، قضى الله الذي قضى شفاء ورحمة للمؤمنين، ولا يزيد الظالمين إلا خساراً. قوله تعالى: { وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإِنسَـٰنِ أَعْرَضَ } ، عن ذكرنا ودعائنا، { وَنَأَى بِجَانِبِهِ } ، أي تباعد منا بنفسه، أي ترك التقرب إلى الله بالدعاء. وقال عطاء: تعظم وتكبر، ويكسر النون والهمزة حمزة والكسائي، ويفتح النون ويكسر الهمزة أبو بكر، وقرأ ابن عامر وأبو جعفر " وناء " مثل جاء قيل: هو بمعنى نأى، وقيل: ناء من النوء وهو النهوض والقيام. { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ } ، الشدة والضر، { كَانَ يَئُوساً } ، أي آيساً قنوطاً. وقيل: معناه أنه يتضرع ويدعو عند الضر والشدة، فإذا تأخرت الإِجابة يئس ولا ينبغي للمؤمن أن ييأس من الإِجابة، وإن تأخرت فيدع الدعاء.