الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً }

{ فقاتل فى سبيل الله } الفاء جزائية والجملة جواب لشرط مقدر اى ان تثبط المنافقون وقصر الآخرون وتركوك وحدك فقاتل انت يا محمد وحدك فى الطريق الموصل الى رضى الله وهو الجهاد ولا تبال بما فعلوا { لا تكلف الا نفسك } مفعول ثان للفعل المخاطب المجهول اى الا فعل نفسك لا يضرك لمخالفتهم وتقاعدهم فتقدم الى الجهاد وان لم يساعدك احد فان الله ناصرك لا الجنود. والتكلف اسم لما يفعل بمشقة او بتصنع فالمحمود منه ما فعل بمشقة حتى الف ففعل بمحبة كالعبادات والمذموم منه ما يتعاطى تصنعا ورياء { وحرض المؤمنين } على القتال اى رغبهم فيه بذكر الثواب والعقاب او بوعد النصرة والغنيمة وما عليك فى شأنهم الا التحريض فحسب لا التعنيف بهم ـ روى ـ ان رسول الله صلى الله عليه وسلم واعد ابا سفيان بعد حرب احد موسم بدر الصغرى فى ذى القعدة وهى سوق من المدينة على ثمانية اميال ويقال لها حمراء الاسد ايضا فلما بلغ الميعاد دعا الناس الى الخروج فكرهه بعضهم فانزل الله هذه الآية فخرج صلى الله عليه وسلم فى سبعين راكبا فكفاهم الله القتال كما قال { عسى الله ان يكف } اى يمنع { بأس الذين كفروا } البأس فى الاصل المكروه ثم وضع موضع الحرب والقتال قال تعالىولا يأتون البأس إلا قليلا } الأحزاب 18. وعسى من الله واجب لانه فى اللغة الاطماع والكريم اذا اطمع انجز وقد فعل حيث القى فى قلوب الكفرة الرعب حتى رجعوا من مر الظهران ـ ويروى ـ ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وافى بجيشه بدرا وقام بها ثمانى ليال وكان معهم تجارات فباعوها واصابوا خيرا كثيرا وقد مر فى سورة آل عمرانوالله أشد بأسا } النساء 84. اى من قريشوأشد تنكيلا } النساء 84. اى تعذيبا وعقوبة ينكل من يشاهدها عن مباشرة ما يؤدى اليها ويجوز ان يكونا جميعا فى الدنيا وان يكون احدهما فى الدنيا والآخر فى العقبى. ثم له ثلاثة اوجه. احدها ان معناه ان عذاب الله تعالى اشد من جميع ما ينالكم بقتالهم لان مكروههم ينقطع ثم تصيرون الى الجنة وما يصل الى الكفار والمنافقين من عذاب الله يدوم ولا ينقطع. والثانى لما كان عذاب الله اشد فهو اولى ان يخاف ولا يجرى فى امره بالقتال منكم خلاف وهذا وعيد. والثالث لما كان عذاب الله اشد فهو يدفعهم عنكم ويكفيكم امرهم وهذا وعد وانما جبن المتقاعدون لشدة بأس الكفار وصولتهم ولكن الله قاهر فوق عباده وقوة اليقين رأس مال الدين والموت تحفة المؤمن الكامل خصوصا اذا كان فى طريق الجهاد والدنيا سريعة الزوال ولا تبقى على كل حال وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه كثيرا ما ينشد هذه الابيات

السابقالتالي
2