الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ }

يعنـي بقوله: { وَلا تَقْعُدُوا بِكُلّ صِراطٍ تُوعِدُونَ }: ولا تـجلسوا بكلّ طريق وهو الصراط توعدون الـمؤمنـين بـالقتل. وكانوا فـيـما ذكر يقعدوه علـى طريق من قصد شعيبـاً وأراده لـيؤمن به، فـيتوعدونه ويخوّفونه ويقولون: إنه كذّاب. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { بِكُلّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ } قال: كانوا يوعدون من أتـى شعيبـاً وغشيه فأراد الإسلام. حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { وَلا تَقْعَدُوا بِكُلّ صِراطٍ تُوعِدُونَ } والصراط: الطريق، يخوّفون الناس أن يأتوا شعيبـاً. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس، قوله: { وَلا تَقْعُدُوا بِكُلّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِـيـلِ اللّهِ } قال: كانوا يجلسون فـي الطريق، فـيخبرون من أتـى علـيهم أن شعيبـاً علـيه السلام كذّاب، فلا يفتنْكم عن دينكم. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قول الله تعالـى: { بِكُل صِراطٍ تُوعِدُونَ }: كلّ سبـيـل حقّ. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، نـحوه. حدثنـي مـحمد بن الـحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ: { وَلا تَقْعُدُوا بِكُلّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ } كانوا يقعدون علـى كلّ طريق يوعدون الـمؤمنـين. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا حميد بن عبد الرحمن، عن قـيس، عن السديّ: { وَلا تَقْعُدُوا بِكُلّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ } قال: العشّارون. حدثنا علـيّ بن سهل، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا أبو جعفر الرازي، عن الربـيع بن أنس، عن أبـي العالـية، عن ابـي هريرة أو غيره، شكّ أبو جعفر الرازي قال: أتـى النبـيّ صلى الله عليه وسلم لـيـلة أُسري به علـى خشبة علـى الطريق لا يـمرّ بها ثوب إلا شقته ولا شيء إلا خرقته، قال: " ما هَذَا يا جُبْريـلُ؟ " قال: هذا مثل أقوام من أمتك يقعدون علـى الطريق فـيقطعونه ثم تلا: { وَلا تَقْعُدُوا بكُلّ صِرَاطٍ تُوعَدُونَ وَتَصُدُّونَ }. وهذا الـخبر الذي ذكرناه عن أبـي هريرة يدلّ علـى أن معناه كان عند أبـي هريرة أن نبـيّ الله شعيبـاً إنـما نهى قومه بقوله: { وَلا تَقْعُدُا بِكُلّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ } عن قطع الطريق، وأنهم كانوا قطاع الطريق. وقـيـل: { وَلا تَقْعُدُوا بِكُلّ صِراطٍ تُوعِدُونَ } ولو قـيـل فـي غير القرآن: لا تقعدوا فـي كل صراط كان جائزاً فصيحاً فـي الكلام وإنـما جاز ذلك لأن الطريق لـيس بـالـمكان الـمعلوم، فجاز ذلك كما جاز أن يقال: قعد له بـمكان كذا، وعلـى مكان كذا، وفـي مكان كذا.

السابقالتالي
2