الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ }

{ وَيَوْمَ يُنفَخُ فِى ٱلصُّورِ } إما معطوف علىيَوْمَ نَحْشُرُ } [النمل: 83] منصوب بناصبه، أو منصوب بمضمر معطوف على ذلك الناصب، والصور ـ على ما في «التذكرة» - قرن من نور، وذكر البخاري عن مجاهد أنه كالبوق. وأخرج الترمذي " عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «جاء أعرابـي إلى النبـي صلى الله عليه وسلم فقال: ما الصور؟ قال: قرن ينفخ فيه» " ، والمشهور أن صاحب الصور هو إسرافيل عليه السلام. وذكر القرطبـي أن الأمم مجمعة على ذلك وهو مخلوق اليوم، فقد أخرج الترمذي وحسنه عن أبـي سعيد الخدري عن النبـي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم القرن واستمع الإذن متى يؤمر بالنفخ؟! فكأن ذلك ثقل على أصحاب رسول الله: صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام لهم. قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل " وروي أيضاً عن أبـي هريرة مرفوعاً " ما أطرق صاحب الصور مذ وكل به مستعداً بحذاء العرش مخافة أن يؤمر بالصيحة قبل أن يرتد طرفه كأن عينيه كوكبان دريان " وجاء عن أبـي هريرة من حديث مرفوع " إن عظم دائرة فيه كعرض السماوات والأرض " وهذا مما يؤمن به وتفوض كيفيته إلى علام الغيوب.

وقيل: إن الصور بسكون الواو بمعنى الصور بضم الصاد وفتح الواو جمع صورة - وعليه أبو عبيدة - والكلام في الوجهين على حقيقته، وقيل: في الكلام استعارة تمثيلية شبه هيئة انبعاث الموتى من القبور إلى المحشر إذا نودوا بالقيام بهيئة قيام جيش نفخ لهم في المزمار المعروف وسيرهم إلى محل عين لهم، والأول قول الأكثرين - وعليه المعول - لأن قوله تعالى:ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ } [الزمر: 68] ظاهر في أن الصور ليس جمع صورة وإلا لقال سبحانه: فيها بدل فيه، وارتكاب التأويل بجعل الكلام من باب التمثيل ظاهر في إنكار أن يكون هناك صور حقيقة، وهو خلاف ما نطقت به الأحاديث الصحاح، وقد قال أبو الهيثم على ما نقل عنه القرطبـي في «تفسيره»: من أنكر أن يكون الصور قرناً فهو كمن أنكر العرش والصراط والميزان وطلب لها تأويلات، وهذا النفخ قيل: المراد به النفخة الثانية، وإليه ذهب صاحب «الغنيان»، واختاره العلامة أبو السعود وقال: الذي يستدعيه سياق النظم الكريم وسباقه ذلك، وأن المراد بالفزع في قوله تعالى:

{ فَفَزِعَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَمَن فِى ٱلأَرْضِ } ما يعتري الكل عند البعث والنشور من الرعب والتهيب الضروريين الجبليين بمشاهدة الأمور الهائلة الخارقة للعادات في الأنفس والآفاق، ثم قال: وقيل: المراد بالنفخ هي النفخة الأولى، وبالفزع هو الذي يستتبع الموت لغاية شدة الهول كما في قوله تعالى:

السابقالتالي
2 3 4 5 6