الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ ٱلإِصْلاَحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِيۤ إِلاَّ بِٱللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }

{ قال } شعيب { يا قوم أرأيتم } اخبرونى { ان كنت } ايراد حرف الشك باعتبار حال المخاطبين { على بينة من ربى } اى حجة واضحة وبرهان نير من مالك امرى عبر بهما عمّا اتاه الله تعالى من النبوة والحكمة ردا على مقالتهم الشنعاء فى جعلهم امره ونهيه غير مستند الى سند { ورزقنى منه } اى من لدنه { رزقا حسنا } هو النبوة والحكمة ايضا عبر عنهما بذلك تنبيها على انهما مع كونهما بينة رزق حسن كيف لا وذلك مناط الحياة الا بدية له ولامته. وقال بعضهم هو ما رزقه الله من المال الحلال من غير شائبة حرام اى من غير بخس وتطفيف وكان كثير المال وجواب الشرط محذوف لان اثباته فى قصة نوح ولوط دل على مكانه ومعنى الكلام ينادى عليه. والمعنى اخبرونى ان كنت على حجة واضحة ويقين من ربى وكنت نبيا على الحقيقة فهل يصح لى ان اتبعكم واشوب الحلال بالحرام ولا آمركم بتوحيد الله وترك عبادة الاصنام والكف عن المعاصى والقيام بالقسط والانبياء لا يبعثون الا لذلك { وما اريد } بنهي اياكم عن التطفيف { ان اخالفكم } حال كونى مائلا { الى ما انهاكم عنه } يقال خالفت زيدا لى كذا اذا قصدته وهو مول عنه وخالفته عنه اذا كان الامر بالعكس اى لا انهى عن شيء وارتكبه من نقصان الكيل والوزن اى اختار لكم ما اختار لنفسى فانه ليس بواعظ من يعظ الناس بلسانه دون عمله. قال فى الاحياء اوحى الله تعالى الى عيسى عليه السلام يا ابن مريم عظ نفسك فان اتعظت فعظ الناس والا فاستحى منى قال الحافظ
واعظان كين جلوه در محراب ومنبر ميكنند جون بخلوت ميروند آن كار ديكر ميكنند مشكلى دارم زدانشمند مجلس باز برس توبه فرمايان جراخود توبه كمتر ميكنند   
{ ان اريد } اى ما اريد بما اباشره من الامر والنهى { الا الاصلاح } الا ان اصلحكم بالنصيحة والموعظة { ما استطعت } اى مقدر ما استطعته من الاصلاح. قال فى بحر العلوم ما مصدرية واقعة موقع الظرف اى مدة استطاعتى الاصلاح وما دمت متمكنا منه لا اترك جهدى فى بيان ما فيه مصلحة لكم قال السعدى قدس سره
بكوى آنجه دانى سخن سومند وكر هيج كسس را نيايد بسند   
{ وما توفيقى } مصدر من المبنى للمفعول اى كونى موفقا لتحقيق ما اقصده من اصلاحكم { الا بالله } الا بتأييده ومعونته بل الاصلاح من حيث الخلق مستند اليه وانما انا من مباديه الظاهرة. والتوفيق يعدى بنفسه وباللام وبالباء وهو تسهيل سبل الخير واصله موافقة فعل الانسان القدر فى الخير والاتفاق هو موافقة فعل الانسان خيرا كان او شرا قدر. وقال فى التأويلات النحمية التوفيق اختصاص العبد بعناية ازلية ورعاية ابدية { عليه توكلت } اعتمدت فى ذلك معرضا عما عداه فانه القادر على كل مقدور وما عداه عاجز محض فى حد ذاته بل معدوم ساقط عن درجة الاعتبار بمعزل عن رتبة الاستمداد به فى الاستظهار { واليه انيب } اى ارجع فيما انا بصدده فى جميع امورى ويجوز ان يكون المراد وما كونى موفقا لاصابة الحق والصواب فى كل ما اتى وما اذر الا بهدايته ومعونته عليه توكلت وهو اشارة الى محض التوحيد الذى هو اقصى مراتب العلم بالمبدأ واليه انيب اى عليه اقبل بشراشر نفسى مجامع امورى.

السابقالتالي
2