الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَـٰلاً طَيِّباً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ }

{ وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا } اى ما احل لكم وطاب مما رزقكم الله فحلالا مفعول كلوا ومما رزقكم الله حال منه تقدمت عليه لكونه نكرة. قال عبد الله بن المبارك الحلال ما اخذته من وجهه والطيب ما غذى ونمى فاما الجوامد كالطين والتراب وما لا يغذى فمكروه الا على وجه التداوى { واتقوا الله الذى انتم به مؤمنون } تأكيد للوصية بما امر به فان قوله { كلوا حلالا } وان كان المراد به ههنا الاباحة والتحليل الا انه انما اباح اكل الحلال فيفيد تحريم ضده فأكد التحريم المستفاد منه بقوله { واتقوا الله } وزاده تأكيدا بقوله { الذى أنتم به مؤمنون } فان الايمان يوجب التقوى بالانتهاء عما نهى عنه وعدم التجاوز عما حد له. قال الامام قوله تعالى { كلوا مما رزقكم الله } يدل على انه تعالى قد تكفل برزق كل احد فانه لو لم يتكفل برزقه لما قال { كلوا مما رزقكم الله } واذا تكفل برزقه وجب ان لا يبالغ فى الطلب وان يعول على وعده واحسانه فانه اكرم من ان يخلف الوعد ولذلك قال عليه السلام " فاتقوا الله واجملوا فى الطلب " قال الحافظ
ماابروى فقر وقناعت نمى بريم بابادشه بكوى كه روزى مقدرست   
وقال الصائب
رزق اكر بر آدمى عاشق نمى باشدجرا اززمين كندم كريباز جاك مى آيدجرا   
قال اهل التفسير " ذكر النبى عليه السلام يوما النار ووصف القيامة وبالغ فى الانذار فرق له الناس وبكوا فاجتمع عشرة من الصحابة فى بيت عثمان بن مظعون الجمحى وتشاوروا واتفقوا على ان يترهبوا ويلبسوا المسوح ويجبوا مذاكيرهم ويصوموا الدهر ويقوموا الليل ولا يناموا على الفرش ولا يأكلوا اللحم والودك ولا يقربوا النساء والطيب ويسيحوا فى الارض فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتى دار عثمان بن مظعون فلم يصادفه فقال لامرأته ام حكيم بنت امية واسمها خولة وكانت عطارة " احق ما بلغنى عن زوجك واصحابه " فكرهت ان تكذب على رسول الله وكرهت ان تبدى خبر زوجها فقالت يا رسول الله ان كان قد اخبرك عثمان فقد صدق فرجع رسول الله فلما جاء عثمان اخبرته زوجته بذلك فمضى الى رسول الله فسأله النبى عليه السلام عن ذلك فقال نعم فقال عليه السلام " أما انى لم آمر بذلك ان لانفسكم عليكم حقا فصوموا وافطروا وقوموا وناموا فانى اقوم وانام واصوم وافطر وآكل اللحم والدسم وآتى النساء فمن رغب عن سنتى فليس منى " ثم جمع الناس وخطبهم وقال " ما بال قوم حرموا النساء والطعام والطيب والنوم وشهوات الدنيا اما انى لا آمركم ان تكونوا قسيسين ولا رهبانا فانه ليس من دينى ترك اللحم والنساء ولا اتخاذ الصوامع وان سياحة امتى الصوم ورهبانيتهم الاجتهاد فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وحجوا واعتمروا واقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وصوموا رمضان واستقيموا يستقم لكم فانما هلك من هلك قبلكم بالتشديد شددوا على انفسهم فشدد الله عليهم فاولئك بقاياهم فى الديارات والصوامع " ".

السابقالتالي
2 3