الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }

قوله: { مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ }: " مِنْ " هذه بيانٌ لـ " إذا " وتفسيرٌ لها قاله الزمخشريُّ. وقال أبو البقاء: إنَّها بمعنى " في " ، أي: في يوم. وقرأ العامَّةُ " الجمعة " بضمَّتَيْن. وقرأ ابن الزبير وزيد ابن علي وأبو حيوة وأبو حيوة وأبو عمروٍ في روايةٍ بسكونِ الميم. فقيل: هي لغةٌ في الأولى وسُكِّنَتْ تخفيفاً، وهي لغةُ تميم. وقيل:/ هو مصدرٌ بمعنى الاجتماع. وقيل: لَمَّا كان بمعنى الفعل صار كرجل هُزْأَة، أي: يُهْزَأ به، فلمَّا كان في الجمعة معنى التجمُّع أُسْكِن؛ لأنه مفعولٌ به في المعنى، أو يُشْبهه فصارَ كهُزْأَة الذي يُهْزأ به. قاله مكي، وكذا قال أبو البقاء: " هو بمعنى المُجْتَمَع فيه مثلَ: رجل ضُحْكَة، أي: يُضْحك منه " وقال مكي: " يجوزُ إسكان الميم استخفافاً. وقيل: هي لغةٌ ". قلت: قد تقدَّم أنها قراءةٌ، وأنها لغةُ تميم. وقال الشيخ: " ولغةٌ بفتحِها لم يُقْرَأ بها " قلت: قد نقلها قراءةً أبو البقاء فقال: " ويقرأ بفتح الميم بمعنى الفاعِل، أي: يومَ المكان الجامع. مثلَ: رجلٌ ضُحْكَة، أي: كثيرُ الضَّحِك " وقال مكي قريباً منه، فإنه قال: " وفيه لغةٌ ثالثةٌ بفتح الميم على نسبةِ الفعل إليها، كأنَّها تَجْمع الناسَ كما يُقال: رجلٌ لُحَنَة، إذا كان يُلَحِّن الناس، وقُرَأَة، إذا كان يُقْرِىءُ الناس " ، ونقلها قراءةً أيضاً الزمخشري، إلاَّ أنه جعلَ الجُمْعةَ بالسكون هو الأصلَ، وبالمضموم مخفَّفاً منه فقال: " يوم الجُمعة: يوم الفوجِ المجموعِ كقولهم: ضُحْكَة للمضحوك منه. ويومُ الجُمعة بفتح الميم: يومُ الوقتِ الجامعِ كقولهم: ضُحَكة ولُعَبة، ويومُ الجُمُعة تثقيلٌ للجُمْعَة كما قيل: عُسُرة في عُسْرة وقُرِىء بهن جميعاً " وتقديرُه: يوم الوقتِ الجامعِ أحسنُ من تقدير أبي البقاءِ: يوم المكانِ الجامعِ؛ لأنَّ نسبةَ الجمعِ إلى الظرفَيْن مجازٌ فالأَوْلى إبقاؤُه زماناً على حالِه.