الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ ٱلْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلتَّغَابُنِ وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

قوله تعالى { يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ ٱلْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلتَّغَابُنِ } الغبن كل الغبن ان لا يعرف مكان خطابه وألطافه التى ظهرت له فى الدنيا والاخرة بلباس القهريات ومكان الامتحان وربما زاده الحق فى اوحش مقام وهو مشغول الرسم ولم يعرف شرف حاله فكان مشغولا عنه برسم الاعتذار والعبودية فيا رب صفاء فى الكدورة ويا رب مكاشفة فى المعصية اكنتم يا اخى غيب الحق بسر غيره حتى لا يكون السر ظاهراً لأهل الرسوم فيسقطون من ايمانهم يقع الغبن يوم التغابن لمن كان مشغولا بالجزاء والعطاء ورؤية الاعواض ورؤية المعصية والطاعة من كان شاهد الحق خرج من وصف الغبن اذ الغبن من اوصاف من كان غائبا عن مشاهدته فاذا استغرق فى بحار جماله وجلاله لا يبقى عليه ترح الغبن ولا حزن الفوت إذ الكل غابن له وسقط عند ذكر ما مضى وما يستقبل ولى لسان اخر فى التوحيد ان الكل يقع فى الغبن اذا عاينوا الحق بوصفه وهم وجدوه اعظم واجل مما وجدوا منه فى مكاشفتهم فى الدنيا فيكونون مبهوتين متحيرين مغبونين حيث لم يعرفوه حق معرفته ولم يعبدوه حق عبادته ولا يعرفون ابدا حقيقة المعرفة واى غبن اعظم من هذا إذ يرونه ولا يصلون الى وجوده بالحقيقة قال ابن عطا تغابن اهل الحق على مقادير الضياء عند الرؤية والتجلى والتغابن فى رؤية القلب الاعظم واجل من روية التغابن لان روية الغبن تذهل عن التامل وهو مقصر عما اطلق لغيره عندها يظهر لكل احد ومن ظهر له الحق بحقه اخرسه من جميع نطقه من منازلته او منازعته.