الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَٱغْفِرْ لَنَآ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ }

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً } صفة مبالغة يستوي فيها المذكر والمؤنث كامرأة صبور وهند غضوب وقرىء توبا نصوحا والنصح صفة التائب وهي ان ينصح نفسه يأتي بالتوبة على طريقتها متداركة للفرطات ماحية للسيئات واسناده للتوبة مجاز عقلي ويجوز ان يكون نصوح مبالغة في النصاحة وهي الخياطة فيكون شبه فساد الذنب بخرق الثوب واشتق من النصاحة نصوحا على الاستعارة التبعية ويكون ويكون التجوز في الاثبات أيضا. وقرأ ابو بكر بضم النون فيكون مصدراً بمعنى النصح كالشكر والشكور أو بمعنى الفصاحة كالثبات والثبوت أي ذات نصوح أو ناصحة فالوصف بالمصدر لتقدير مضاف أو تأويله بالوصف أو للمبالغة أو هو مفعول مطلق أي ينصحون نصوحا أو مفعول لأجله أي لنصوح انفسكم وتجب التوبة النصوح من كل كبير وصغير وهي ان لا يعود الى الذنب كما لا يعود اللبن الى الضرع ويعزم ان لا يعود وإن عاد تاب وان يندم وان يهجر اخوان السوء ويغتم لارتكاب الذنب كما تلذذ بفعله ويذوق نفسه مرارة الطاعة كما اذاقها حلاوة المعصية ويذيبها بالطاعة كما رباها بالمعصية ويعيد الفريضة ان كان ذنبه هو تركها ويرد المظالم ان كان ظلماً أو يجعله صاحبه في حل وان كان قذفا أو غيبة تاب عند من قذف أو اغتاب عنده وان وصل المظلوم فليحاللـه وإلا كنتم وقيل لا بد من اخباره ومحاللته. ولا يكشف نفسه ليحده الامام خلافا لمن اشترط ذلك ولا يشترط الاستغفار باللسان إلا ان حضرها غيره أي شاهد معصيته خلافا للكلبي وغيره وان تاب من ذنب وبقي آخر هل تصح توبته قولان قيل صحت توبته عن الذنب وبقي الآخر وقيل لم تصح وعن ابي بكر الوراق التوبة النصوح هي ان تضيق عليك الارض بما رحبت كتوبة الذين خلفوا عن شهر بن حوشب ان لا يعود ولو حز بالسيف واحرق بالنار وعن ابن السماك ان تنصب الذنب الذي أقللت فيه الحياء من الله أمام عينيك وتستعد لمنتظرك وعن حذيفة حسب الرجل من الشر أن يتوب من الذنب ثم يرجع فيه وعن السدي لا تصح التوبة إلا بنصيحة النفس والمؤمنين لأن من صحت توبته أحب أن يكون الناس مثله. وروي احب الناس ان يكونوا مثله ويجوز ان يراد توبة تنصح الناس أي تدعوهم الى مثلها لظهور اثرها في صاحبها واستعماله الجد والعزيمة في العمل على مقتضاها وفي الحديث " يا ايها الناس توبوا الى الله فإني اتوب اليه في اليوم مائة مرة " وقال " إن الله لأفرح بتوبة أحدكم اشد فرحا منه إذا ضاع بعيره في فلاة مع زاده ثم وجده "

السابقالتالي
2