قوله تعالى: { قَالَ يَا هارُونَ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّواْ } يعني بعبادة العجل. { أَلاَّ تَتَّبِعَنِ } فيه وجهان: أحدهما: ألا تتبعني في الخروج ولا تقم مع من ضل. الثاني: ألا تتبع عادتي في منعهم والإِنكار عليهم، قاله مقاتل. { أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } وقال موسى لأخيه هارون: أخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين فلمّا أقام معهم ولم يبالغ في منعهم والإِنكار عليهم نسبه إلى العصيان ومخالفة أمره. { قَالَ يَا بْنَ أُمَّ } فيه قولان: أحدهما: لأنه كان أخاه لأبيه وأمه. الثاني: أنه كان أخاه لأبيه دون أمه، وإنما قال يا ابن أم ترفيقاً له واستعطافاً. { لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي } فيه قولان: أحدهما: أنه أخذ شعره بيمينه، ولحيته بيسراه، قاله ابن عباس. الثاني: أنه أخذ بأذنه ولحيته، فعبر عن الأذن بالرأس، وهو قول من جعل الأذن من الرأس. واختلف في سبب أخذه بلحيته ورأسه على ثلاثة أقوال: أحدها: ليسر إليه نزول الألواح عليه، لأنها نزلت عليه في هذه المناجاة. وأراد أن يخفيها عن بني إسرائيل قبل التوبة، فقال له هارون: لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ليشتبه سراره على بني إسرائيل. الثاني: فعل ذلك لأنه وقع في نفسه أن هارون مائل إلى بني إسرئيل فيما فعلوه من أمر العجل، ومثل هذا لا يجوز على الأنبياء. الثالث: وهو الأشبه - أنه فعل ذلك لإِمساكه عن الإِنكار على بني إسرئيل الذين عبدوا العجل ومقامه بينهم على معاصيهم. { إِنِّي خَشيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرآئِيلَ } وهذا جواب هارون عن قوله: { أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } وفيه وجهان: أحدهما: فرقت بينهم بما وقع من اختلاف معتقدهم. الثاني: [فرقت] بينهم بقتال مَنْ عَبَدَ العجل منهم. وقيل: إنهم عبدوه جميعاً إلا اثني عشر ألفاً بقوا مع هارون لم يعبدوه. { وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } فيه وجهان: أحدهما: لم تعمل بوصيتي، قاله مقاتل. الثاني: لم تنتظر عهدي، قاله أبو عبيدة.