الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ }

{ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ } عطف علىٱلْمُحْسِنِينَ } [التوبة: 91] كما يؤذن به / قوله تعالى الآتي إن شاء الله تعالىإِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ } [التوبة: 93] الخ، وهو من عطف الخاص على العام اعتناء بشأنهم وجعلهم كانهم لتميزهم جنس آخر. وقيل: عطف علىٱلضُّعَفَآءِ } [التوبة: 91] وهم ـ كما قال ابن إسحق وغيره ـ البكاءون وكانوا سبعة نفر من الأنصار وغيرهم من بني عمرو بن عوف: سالم بن عمير وعُلْبة بن زيد أخو بني حارث، وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب أخو بني مازن بن النجار، وعمرو بن الحمام بن الجموح أخو بني سلمة، وعبد الله بن معقل المزني. وهرمي بن عبد الله أخو بني واقف، وعرباض بن سارية الفزاري أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستحملوه وكانوا أهل حاجة فقال لهم عليه الصلاة والسلام ما قصه الله تعالى بقوله سبحانه:

{ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ } فتولوا وهم يبكون كما أخبر سبحانه، والظاهر أنه لم يخرج منهم أحد للغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن قال ابن إسحٰق: بلغني أن ابن يامين بن عمير بن كعب النضري لقي أبا ليلى وابن معقل وهم يبكيان فقال: ما يبكيكما؟ قالا: جئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحملنا فلم نجد عنده ما يحملنا عليه وليس عندنا ما نتقوى به على الخروج معه فأعطاهما ناضحاً له فارتحلا وزودهما شيئاً من تمر فخرجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي بعض الروايات أن الباقين أعينوا على الخروج فخرجوا. وعن مجاهد أنهم بنو مقرن: معقل وسويد والنعمان، وقيل: هم أبو موسى الأشعري وأصحابه من أهل اليمن وقيل وقيل: وظاهر الآية يقتضي أنهم طلبوا ما يركبون من الدواب وهو المروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. وأخرج ابن المنذر عن علي بن صالح قال: حدثني مشيخة من جهينة قالوا: أدركنا الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحملان فقالوا: ما سألناه إلا الحملان على النعال، ومثل هذا ما أخرجه ابن أبـي حاتم وأبو الشيخ عن إبراهيم بن أدهم عمن حدثه أنه قال: ما سألوه الدواب ما سألوه إلا النعال، وجاء في بعض الروايات أنهم قالوا: احملنا على الخفاف المرقوعة والنعال المخصوفة نغزو معك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، ومن مال إلى الظاهر المؤيد بما روي عن الحبر قال: تجوز بالخفاف المرقوعة والنعال المخصوفة عن ذي الخف والحافر فكأنهم قالوا: احملنا على ما يتيسر أو المراد احملنا ولو على نعالنا وأخفافنا مبالغة في القناعة ومحبة للذهاب معه عليه الصلاة والسلام.

وأنت تعلم أن ظاهر الخبرين السابقين يبعد ذلك على أنه في نفسه خلاف الظاهر، نعم الأخبار المخالفة لظاهر الآية لا يخفى ما فيها على من له اطلاع على مصطلح الحديث، ومغايرة هذا الصنف بناءاً على ما يقتضيه الظاهر من أنهم واجدون لما عدا المركب للذين لا يجدون ما ينفقون إذا كان المراد بهم الفقراء الفاقدين للزاد والمركب وغيره ظاهرة وبينهما عموم وخصوص إذا أريد بمن لا يجد النفقة من عدم شيئاً لا يطيق السفر لفقده وإلى الأول ذهب الإمام واختاره كثير من المحققين، واختلف في جواب { إِذَا } فاختار بعض المحققين أنه { قُلْتَ } الخ فيكون قوله سبحانه: { تَوَلَّوْاْ } الخ مستأنفاً استئنافاً بيانياً، وقيل: هو الجواب و { قُلْتَ } مستأنف أو على حذفل حرف العطف أي وقلت أو فقلت وهو معطوف على { أَتَوْكَ } أو في موضع الحال من الكاف في { أَتَوْكَ } ـ وقد ـ مضمرة كما في

السابقالتالي
2 3