الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَٰلِداً فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }

{ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً } لقتله { فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَٰلِداً فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ } إذ قتل وليّه عمداً. { وَلَعَنَهُ } أي: أبعده عن الرحمة { وَأَعَدَّ لَهُ } وراء ذلك { عَذَاباً عَظِيماً } أي: فوق عذاب سائر الكبائر، سوى الشرك.

قال الإمام ابن كثير: هذا تهديد شديد ووعد أكيد لمن تعاطى هذا الذنب العظيم، الذي هو مقرون بالشرك بالله، في غير ما آية في كتاب الله، حيث يقول سبحانه ي سورة (الفرقان):وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ... } [الفرقان: 68] الآية، وقال تعالى:قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً... } [الأنعام: 151] الآية، والآيات والأحاديث في تحريم القتل كثيرة جداً. فمن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء " وفي الحديث الآخر الذي رواه أبو داود عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يزال المؤمن مُعْنقاً صالحاً ما لم يصب دماً حراماً، فإذا أصاب دماً حراماً بلّح " وفي حديث آخر: " لَزَوَالُ الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم " قلت: رواه الترمذيّ والنسائيّ عن ابن عمرو. وفي الحديث الآخر: " لو اجتمع أهل السماوات والأرض على قتل رجل مسلم لكبهم الله في النار " قلت: رواه الترمذيّ عن أبي سعيد وأبي هريرة بلفظ: " لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله عز وجل في النار " وفي الحديث الآخر: " من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة، جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله " قلت: رواه ابن ماجة عن أبي هريرة.

وقد كان ابن عباس يرى أن لا توبة لقاتل المؤمن عمداً.

وقال البخاري: حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا المغيرة بن النعمان قال: سمعت ابن جبير، قال: اختلف فيها أهل الكوفة، فرحلت إلى ابن عباس فسألته عنها، فقال: نزلت هذه الآية: { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ } هي آخر ما نزل وما نسخها شيء. وكذا رواه هو أيضاً ومسلم والنسائي من طرقٍ عن شعبة، به. ورواه أبو داود عن أحمد بن حنبل عن ابن مهديّ عن سفيان الثوري عن مغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ } فقال: ما نسخها شيء. وقال ابن جرير: حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد عن أبي بشر عن سعيد بن جبير قال: قال لي عبد الرحمن بن أبزى: سئل ابن عباس عن قوله: { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد