الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

{ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ } أي: سدّاً للسبيل عليهم في التخلف { قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ } أي: لظهور كذبكم، إذ لم يمنعكم فقر ولا مرض، ولا يفيدكم الاعتذار { لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ } أي: لن نصدق قولكم. وقوله تعالى: { قَدْ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ } تعليل لانتفاء التصديق، أي: أعلمنا بالوحي من أسراركم ونفاقكم وفسادكم ما ينافي التصديق { وَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ } أي: من الرجوع عن الكفر، أو الثبات عليه، علماً يتعلق به الجزاء { ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ } أي: للجزاء بما ظهر منكم من الأعمال. ووضعُ المظهر موضع المضمر، لتشديد الوعيد، وأنه تعالى مطلع على سرهم وعلنهم، لا يفوته عن علمه شيء من ضمائرهم وأعمالهم، فيجازيهم على حسب ذلك.

قال في (النبراس): المراد بالغيب ما غاب عن العباد، أو ما لم يعلمه العباد، أو ما يكون، وبالشهادة ما علمه العباد، أو ما كان.

{ فَيُنَبِّئُكُم } أي: يخبركم { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } أي: في الدنيا، قبل إعلامهم به وذكره لهم للتوبيخ.

قال أبو السعود: المراد بالتنبئة بذلك، المجازاة به، وإيثارها عليها، لمراعاة ما سبق من قوله تعالى: { قَدْ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ... } الخ، فإن المنبأ به الأخبار المتعلقة بأعمالهم، وللإيذان بأنهم ما كانوا عالمين في الدنيا بحقيقة أعمالهم، وإنما يعلمونها حينئذ.

ثم أخبر تعالى عما سيؤكدون به معاذيرهم، من أيمانهم الفاجرة، بقوله سبحانه:

{ سَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ إِذَا ٱنْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ... }.