الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ }

{ وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } في موضع الحال من ضميرتَعْبُدُونَ } [الصافات: 95] لتأكيد الإنكار والتوبيخ والاحتجاج على أنه لا ينبغي تلك العبادة، و (ما) موصولة حذف عائدها أيضاً أي خلقكم وخلق الذي تعملونه أي من الأصنام كما هو الظاهر، وهي عبارة عن مواد وهي الجواهر الحجرية وصور حصلت لها بالنحت؛ وكون المواد مخلوقة له عز وجل ظاهر، وكون الصور والأشكال كذلك مع أنها بفعلهم باعتبار أن الإقدار على الفعل وخلق ما يتوقف عليه من الدواعي والأسباب منه تعالى، وكون الأصنام وهي ما سمعت معمولة لهم باعتبار جزئها الصوري فهو مع كونه معمولاً لهم مخلوق لله تعالى بذلك الاعتبار فلا إشكال.

وفي " المتمة للمسألة المهمة " تأليف الشيخ إبراهيم الكوراني عليه الرحمة صريح الكلام دال على أن الله تعالى خالق للأصنام بجميع أجزائها التي منها الأشكال، ومعلوم أن الأشكال إنما حصلت بتشكيلهم فتكون الأشكال مخلوقة لله تعالى معمولة لهم لكون نحتهم وتشكيلهم عين خلق الله تعالى الأشكال بهم. ولا استحالة في ذلك لأن العبد لا قوة له إلا بالله تعالى بالنص ومن لا قوة له إلا بغيره فالقوة لذلك الغير لا له فلا قوة حقيقة إلا لله تعالى، ومن المعلوم أنه لا فعل للعبد إلا بقوة فلا فعل له إلا بالله تعالى فلا فعل حقيقة إلا لله تعالى، وكل ما كان كذلك كان النحت والتشكيل عين خلق الله سبحانه الأشكال بهم وفيهم بالذات وغيره بالاعتبار فيكون المعمول عين المخلوق بالذات وغيره بالاعتبار فإن إيجاد الله عز وجل يتعلق بذات الفعل من حيث هو وفعل العبد بالمعنى المصدري يتعلق بالفعل بمعنى الحاصل بالمصدر من حيث كونه طاعة أو معصية أو مباحاً لكونه مكلفاً والله تعالى له الإطلاق ولا حاكم عليه سبحانه انتهى فافهم.

والزمخشري جعل أيضاً (ما) موصولة إلا أنه جعل المخلوق له تعالى هو الجواهر ومعمولهم هو الشكل والصورة إما على أن الكلام على حذف مضاف أي وما تعملون شكله وصورته، وإما على أن الشائع في الاستعمال ذلك فإنهم يقولون عَمِلَ النجار الباب والصائغ الخلخال والبناء البناء ولا يعنون إلا عمل الشكل بدون تقدير شكل في النظم كأن تعلق العمل بالشيء هو هذا التعلق لا تعلق التكوين، وهو مبني على اعتقاده الفاسد من أن أفعال العباد مخلوقة لهم، والاحتجاج في الآية على الأول بأن يقال: إنه تعالى خلق العابد والمعبود مادة وصورة فكيف يعبد المخلوق المخلوق؟ وعلى الثاني بأنه تعالى خلق العابد ومادة المعبود فكيف يعبد المخلوق المخلوق على أن العابد منهما هو الذي عمل صورة المعبود، والأول أظهر.

وعدل عن ضمير

السابقالتالي
2 3