الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً }

{ وَكَمْ أَهْلَكْنَا } في هذه الآية الكريمة هي الخيرية، وهي في محل نصب لأنها مفعول { أَهْلَكْنَا }. و { مِّن } هي المبينة لـ { كم } كما تقدم إيضاحه. وقوله { هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ } أي هل ترى أحداً منهم، أو تشعر به، أو تجده { أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً } أي صوتاً. وأصل الركز الصوت الخفي. ومنه ركز الرمح إذا غيب طرفه وأخفاه في الأرض. ومن الركاز وهو دفن جاهلي مغيب بالدفن في الأرض. ومن إطلاق الركز على الصوت قول لبيد في معلقته
فتوجست ركز الأنيس فراعها عن ظهر غيب والأنيس سقامها   
وقول طرفة في معلقته
وصادقتا سمع التوجس للسرى لركز خفي أو لصوت مندد   
وقول ذي الرمة
إذا توجس ركزاً مقفر ندس بنبأة الصوت ما في سمعه كذب   
والاستفهام في قوله { هَلْ } يراد به النفي. والمعنى أهلكنا كثيراً من الأمم الماضية فما ترى منهم أحد ولا تسمع لهم صوتاً. وما ذكره في هذه الآية من عدم رؤية أشخاصهم، وعدم سماع أصواتهم - ذكر بعضه في غير هذا الموضع. كقوله في عادفَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ } الحاقة 8، وقوله فيهمفَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ } الأحقاف 25، وقولهفَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ } الحج 45، إلى غير ذلك من الآيات.