الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَللَّهِ ٱلْمَشْرِقُ وَٱلْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }

وأعلـمه أنه حيث وجه وجهه فهو هنالك، بقوله: { ولِلَّهِ الـمَشْرِقُ وَالـمَغْرِبُ فَأيْنَـمَا تُولُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ }. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: ثنا عبد الـملك، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عمر أنه كان يصلـي حيث توجهت به راحلته، ويذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، ويتأول هذه الآية: { أيْنَـمَا تُولُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ }. حدثنـي أبو السائب، قال: ثنا ابن فضيـل، عن عبد الـملك بن أبـي سلـيـمان، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عمر أنه قال: «إنـما نزلت هذه الآية: «أيْنَـمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ» أن تصلـي حيثما توجهتْ بك راحلتك فـي السفر تطوعاً، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجع من مكة يصلـي علـى راحلته تطوّعاً يومىء برأسه نـحو الـمدينة». وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية فـي قوم عميت علـيهم القبلة فلـم يعرفوا شَطْرَها، فصلوا علـى أنـحاء مختلفة، فقال الله عزّ وجلّ لهم: لـي الـمشارق والـمغارب، فأنَّ ولـيتـم وجوهكم فهنالك وجهي، وهو قِبْلَتُكم معلـمهم بذلك أن صلاتهم ماضية. ذكر من قال ذلك: حدثنا أحمد، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا أبو الربـيع السمان، عن عاصم بن عبـيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربـيعة، عن أبـيه، قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فـي لـيـلة سوداء مظلـمة، فنزلنا منزلاً، فجعل الرجل يأخذ الأحجار فـيعمل مسجداً يصلـي فـيه. فلـما أصبحنا، إذا نـحن قد صلـينا علـى غير القبلة، فقلنا: يا رسول الله لقد صلـينا لـيـلتنا هذه لغير القبلة فأنزل الله عز وجل: ولِلَّهِ الـمَشْرِقُ وَالـمَغْرِبُ فَأيْنَـما تُولُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِـيـمٌ». حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنـي الـحجاج، قال: ثنا حماد، قال: قلت للنـخعي: إنـي كنت استـيقظت أو قال أُوقِظْتُ، شكّ الطبري فكان فـي السماء سحاب، فصلـيت لغير القبلة. قال: مضت صلاتك، يقول الله عزّ وجلّ: { فأيْنَـمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ }. حدثنا سفـيان بن وكيع، قال: ثنا أبـي عن أشعث السمان، عن عاصم بن عبـيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربـيعة، عن أبـيه، قال: كنا مع النبـيّ صلى الله عليه وسلم فـي لـيـلة مظلـمة فـي سفر، فلـم ندر أين القبلة فصلـينا، فصلـى كل واحد منا علـى حياله. ثم أصبحنا فذكرنا للنبـيّ صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عزّ وجلّ: { فأيْنَـمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ }. وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية فـي سبب النـجاشي لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تنازعوا فـي أمره من أجل أنه مات قبل أن يصلـي إلـى القبلة، فقال الله عز وجل: الـمشارق والـمغارب كلها لـي، فمن وجّه وَجْهَه نـحو شيء منها يريدنـي به ويبتغي به طاعتـي، وجدنـي هنالك.

PreviousNext
1 2 4 5 6