الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ كَيْفَ يَهْدِي ٱللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوۤاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ وَجَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { أُوْلَـٰئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ ٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } * { خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

اختلف أهل التأويـل فـيـمن عنى بهذه الآية، وفـيـمن نزلت، فقال بعضهم: نزلت فـي الـحارث بن سويد الأنصاري، وكان مسلـماً، فـارتدّ بعد إسلامه. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن عبد الله بن بزيع البصري، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا داود بن أبـي هند، عن عكرمة، عن ابن عبـاس، قال: كان رجل من الأنصار أسلـم، ثم ارتدّ ولـحق بـالشرك، ثم ندم، فأرسل إلـى قومه: أرسلوا إلـى رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل لـي من توبة؟ قال: فنزلت: { كَيْفَ يَهْدِى ٱللَّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَـٰنِهِمْ } إلـى قوله: { وَجَاءهُمُ ٱلْبَيّنَـٰتُ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } فأرسل إلـيه قومه، فأسلـم. حدثنـي ابن الـمثنى، قال: ثنـي عبد الأعلـى، قال: ثنا داود، عن عكرمة بنـحوه، ولـم يرفعه إلـى ابن عبـاس، إلا أنه قال: فكتب إلـيه قومه، فقال: ما كذبنـي قومي، فرجع. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا حكيـم بن جميع، عن علـيّ بن مسهر، عن داود بن أبـي هند، عن عكرمة عن ابن عبـاس، قال: ارتدّ رجل من الأنصار، فذكر نـحوه. حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا جعفر بن سلـيـمان، قال: أخبرنا حميد الأعرج، عن مـجاهد، قال: جاء الـحارث بن سويد، فأسلـم مع النبـيّ صلى الله عليه وسلم، ثم كفر الـحارث فرجع إلـى قومه، فأنزل الله عزّ وجلّ فـيه القرآن: { كَيْفَ يَهْدِى ٱللَّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَـٰنِهِمْ } إلـى: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } قال: فحملها إلـيه رجل من قومه، فقرأها علـيه، فقال الـحارث: إنك والله ما عُلِـمْتُ لصدوق، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصدق منك، وإن الله عزّ وجلّ لأصدق الثلاثة! قال: فرجع الـحارث فأسلـم، فحسن إسلامه. حدثنـي موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ: { كَيْفَ يَهْدِى ٱللَّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَـٰنِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ } قال: أنزلت فـي الـحارث بن سويد الأنصاري كفر بعد إيـمانه، فأنزل الله عزّ وجلّ فـيه هذه الآيات، إلـى:أُولَـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } [آل عمران: 116] ثم تاب وأسلـم، فنسخها الله عنه، قـال: { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قول الله عزّ وجلّ: { كَيْفَ يَهْدِى ٱللَّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَـٰنِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ ٱلْبَيّنَـٰتُ } قال رجل من بنـي عمرو بن عوف كفر بعد إيـمانه.

السابقالتالي
2 3