الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلضَّآلُّونَ }

اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك، فقال بعضهم: عنى الله عزّ وجلّ بقوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي ببعض أنبـيائه الذين بعثوا قبل مـحمد صلى الله عليه وسلم بعد إيـمانهم. { ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً } بكفرهم بـمـحمد. { لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ } عند حضور الـموت وحشره بنفسه. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن سنان، قال: ثنا أبو بكر الـحنفـي، قال: ثنا عبـاد بن منصور، عن الـحسن فـي قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَـٰنِهِمْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلضَّالُّونَ } قال: الـيهود والنصارى لن تقبل توبتهم عند الـموت. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَـٰنِهِمْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْرًا } أولئك أعداء الله الـيهود، كفروا بـالإنـجيـل وبعيسى، ثم ازدادوا كفراً بـمـحمد صلى الله عليه وسلم والفرقان. حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة فـي قوله: { ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً } قال: ازدادوا كفراً حتـى حضرهم الـموت، فلـم تقبل توبتهم حين حضرهم الـموت. قال معمر: وقال مثل ذلك عطاء الـخراسانـي. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن قتادة، قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَـٰنِهِمْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلضَّالُّونَ } وقال: هم الـيهود كفروا بـالإنـجيـل، ثم ازدادوا كفراً حين بعث الله مـحمداً صلى الله عليه وسلم، فأنكروه، وكذّبوا به. وقال آخرون: معنى ذلك: إن الذين كفروا من أهل الكتاب بـمـحمد بعد إيـمانهم بأنبـيائهم، { ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً }: يعنـي ذنوبـاً، { لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ } من ذنوبهم، وهم علـى الكفر مقـيـمون. ذكر من قال ذلك: حدثنا الـمثنى، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا داود، عن رفـيع: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَـٰنِهِمْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْرًا } ازدادوا ذنوبـاً وهم كفـار، { فَلَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ } من تلك الذنوب ما كانوا علـى كفرهم وضلالتهم. حدثنا ابن الـمثنى، قال: ثنا ابن أبـي عديّ، عن داود، قال: سألت أبـا العالـية، قال: قلت: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَـٰنِهِمْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ }؟ قال: إنـما هم هؤلاء النصارى والـيهود الذين كفروا ثم ازدادوا كفرا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها فـي كفرهم. حدثنا عبد الـحميد بن بـيان الـيشكري، قال: أخبرنا ابن أبـي عديّ، عن داود، قال: سألت أبـا العالـية عن الذين آمنوا ثم كفروا، فذكر نـحواً منه. حدثنا ابن الـمثنى، قال: ثنا عبد الأعلـى، قال: ثنا داود، قال: سألت أبـا العالـية عن هذه الآية: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَـٰنِهِمْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلضَّالُّونَ } قال: هم الـيهود والنصارى والـمـجوس، أصابوا ذنوبـاً فـي كفرهم فأرادوا أن يتوبوا منها، ولن يتوبوا من الكفر، ألا ترى أنه يقول: { وَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلضَّالُّونَ }؟ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سفـيان، عن داود، عن أبـي العالـية فـي قوله: { لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ } قال: تابوا من بعض، ولـم يتوبوا من الأصل.

السابقالتالي
2 3