الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً }

اختلف أهل التأويل فيمن عُني بهذه الآية، فقال بعضهم: عُني بها: ولاةُ أمور المسلمين. ذكر من قال ذلك: حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا أبو أسامة، عن أبي مكين، عن زيد بن أسلم، قال: نزلت هذه الآية: { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَـٰنَـٰتِ إِلَى أَهْلِهَا } في ولاة الأمر. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إديس، قال: ثنا ليث، عن شهر، قال: نزلت في الأمراء خاصة { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَـٰنَـٰتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ }. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا إدريس، قال: ثنا إسماعيل، عن مصعب بن سعد، قال: قال عليّ رضي الله عنه: كلمات أصاب فيهنّ حقّ على الإمام أن يحكم بما أنزل الله، وأن يؤدّى الأمانة، وإذا فعل ذلك فحقّ على الناس أن يسمعوا وأن يطيعوا وأن يجيبوا إذا دعوا. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا جابر بن نوح، قال: ثنا إسماعيل عن مصعب بن سعد، عن عليّ بنحوه. حدثني محمد بن عبيد المحاربي، قال: ثنا موسى بن عمير، عن مكحول، في قول الله:وَأُوْلِى ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ } [النساء: 59] قال: هم أهل الآية التي قبلها: { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَـٰنَـٰتِ إِلَى أَهْلِهَا }... إلى آخر الآية. حدثني يونس، قال أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا ابن زيد، قال: قال أبي: هم الولاة، أمرهم أن يؤدّوا الأمانات إلى أهلها. وقال آخرون: أمر السلطان بذلك أن يعطوا الناس. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَـٰنَـٰتِ إِلَى أَهْلِهَا } قال: يعني: السلطان يعطون الناس. وقال آخرون: الذي خُوطِبَ بذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم في مفاتيح الكعبة أُمِرَ بردّها على عثمان بن طلحة. ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَـٰنَـٰتِ إِلَى أَهْلِهَا } قال: نزلت في عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، قبض منه النبيّ صلى الله عليه وسلم مفاتيح الكعبة، ودخل بها البيت يوم الفتح، فخرج وهو يتلو هذه الآية، فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح. قال: وقال عمر بن الخطاب لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلو هذه الآية: فداؤه أبي وأمي! ما سمعته يتلوها قبل ذلك. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا الزنجي بن خالد، عن الزهري، قال: دفعه إليه وقال: أعينوه. وأولى هذه الأقوال بالصوااب في ذلك عندي قول من قال: هو خطاب من الله ولاة أمور المسلمين بأداء الأمانة إلى من ولّوا في فيئهم وحقوقهم، وما ائتمنوا عليه من أمورهم بالعدل بينهم في القضية.

السابقالتالي
2