الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَٰلَهُمْ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: الذين جحدوا توحيد الله وعبدوا غيره وصدّوا من أراد عبادتَه والإقرار بوحدانيته، وتصديق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم عن الذي أراد من الإسلام والإقرار والتصديق { أضَلَّ أعمالَهمْ } يقول: جعل الله أعمالهم ضلالاً على غير هدى وغير رشاد، لأنها عملت في سبيل الشيطان وهي على غير استقامة { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحاتِ } يقول تعالى ذكره: والذين صدّقوا الله وعملوا بطاعته، واتبعوا أمره ونهيه { وآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ على مُحَمَّدٍ } يقول: وصدّقوا بالكتاب الذي أنزل الله على محمد { وَهُوَ الحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ } يقول: محا الله عنهم بفعلهم ذلك سيىء ما عملوا من الأعمال، فلم يؤاخذهم به، ولم يعاقبهم عليه { وأصْلَحَ بالَهُمْ } يقول: وأصلح شأنهم وحالهم في الدنيا عند أوليائه، وفي الآخرة بأن أورثهم نعيم الأبد والخلود الدائم في جنانه. وذُكر أنه عنى بقوله: { الَّذِينَ كَفَرُوا... } الآية أهل مكة، { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعمِلُوا الصَّالحِاتِ... } الآية، أهل المدينة. ذكر من قال ذلك: حدثني إسحاق بن وهب الواسطي، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد، عن عبد الله بن عباس، في قوله: { الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } قال: نزلت في أهل مكة { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحاتِ } قال: الأنصار. وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: { وأصْلَحَ بالَهُمْ } قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني إسحاق بن وهب الواسطي، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد، عن عبد الله بن عباس { وأصْلَحَ بالَهُمْ } قال: أمرهم. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد { وأصْلَحَ بالَهُمْ } قال: شأنهم. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وأصْلَحَ بالَهُمْ } قال: أصلح حالهم. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة { وأصْلَحَ بالَهُمْ } قال: حالهم. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وأصْلَحَ بالَهُمْ } قال حالهم. والبال: كالمصدر مثل الشأن لا يعرف منه فعل، ولا تكاد العرب تجمعه إلا في ضرورة شعر، فإذا جمعوه قالوا بالات.