الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } * { لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } * { مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلْمَعَارِجِ } * { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } * { فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً }

قال أبو جعفر: اختلفت القرّاء في قراءة قوله: { سأَلَ سائِلٌ } فقرأته عامة قرّاء الكوفة والبصرة: { سأَلَ سائِلٌ } بهمز سأل سائل، بمعنى سأل سائل من الكفار عن عذاب الله، بمن هو واقع وقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة: «سال سائِلٌ» فلم يهمز سأل، ووجهه إلى أنه فعل من السيل. والذي هو أولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأه بالهمز لإجماع الحجة من القرّاء على ذلك، وأن عامة أهل التأويل من السلف بمعنى الهمز تأوّلوه. ذكر من تأوّل ذلك كذلك، وقال تأويله نحو قولنا فيه: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { سألَ سائِلٌ بعَذَابٍ وَاقِعٍ } قال: ذاك سؤال الكفار عن عذاب الله وهو واقع. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن ليث، عن مجاهدإنْ كانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ... } الآية، قال { سأَلَ سائِلٌ بعَذَابِ وَاقِعٍ }. حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، في قول الله: سأَلَ سائِلٌ قال: دعا داع { بعذاب وَاقِعٍ }: يقع في الآخرة، قال: وهو قولهم:اللَّهُمَّ إنْ كانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ } حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { سأَلَ سائِلٌ بعَذَابٍ وَاقِعٍ } قال: سأل عذاب الله أقوام، فبين الله على من يقع على الكافرين. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله: { سأَلَ سائِلٌ } قال: سأل عن عذاب واقع، فقال الله: { للْكافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ }. وأما الذين قرأوا ذلك بغير همز، فإنهم قالوا: السائل واد من أودية جهنم. ذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله: «سأل سائِلٌ بعَذَابٍ وَاقِعٍ» قال: قال بعض أهل العلم: هو واد في جهنم يقال له سائل. وقوله: { بِعَذَابٍ وَاقِعٍ للْكافِرِينَ } يقول: سأل بعذاب للكافرين واجب لهم يوم القيامة واقع بهم. ومعنى { للْكافِرِينَ } على الكافرين، كالذي: حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: { بِعَذَابٍ وَاقِعٍ للْكافِرِينَ } يقول: واقع على الكافرين واللام في قوله { للْكافِرِينَ } من صلة الواقع. وقوله: { لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي المَعَارِجٍ } يقول تعالى ذكره: ليس للعذاب الواقع على الكافرين من الله دافع يدفعه عنهم. وقوله: { ذِي المَعارِجِ } يعني: ذا العلوّ والدرجات والفواضل والنعم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: { ذِي المَعارِج } يقول: العلوّ والفواضل.

السابقالتالي
2 3 4