الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }

يقول تعالى ذكره: والذين ابتنوا مسجدا ضرارا، وهم فيما ذكرنا اثنا عشر نفسا من الأنصار. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الزهري ويزيد بن رومان، وعبد الله بن أبي بكر، وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم، قالوا: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني من تبوك حتى نزل بذي أوان، بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار. وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهز إلى تبوك، فقالوا: يا رسول الله إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية، وإنا نحبّ أن تأتينا فتصلَى لنا فيه فقال: " إنِّي على جَناحِ سَفَر وَحالِ شُغْلٍ " أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وَلَوْ قَدْ قَدِمْنا أتَيْناكُمْ إنْ شاءَ اللَّهُ فَصَلَّيْنَا لَكُمْ فِيهِ ". فلما نزل بذي أوان أتاه خبر المسجد، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخشم أخا بني سالم بن عوف ومعن بن عديّ أو أخاه عاصم بن عديّ أخا بني العجلان، فقال: " انْطَلِقا إلى هَذَا المَسْجِدِ الظَّالِمِ أهْلُهُ فاهْدِمَاهُ وَحَرّقاهُ " فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف، وهم رهط مالك بن الدخشم، فقال مالك لمعن: أنظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي فدخل أهله فأخذ سعفاً من النخل، فأشعل فيه نارا، ثم خرجا يشتدّان حتى دخلا المسجد وفيه أهله، فحرّقاه وهدماه، وتفرّقوا عنه. ونزل فيهم من القرآن ما نزل: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وكُفْرا إلى آخر القصة. وكان الذين بنوه اثني عشر رجلاً: خذام بن خالد من بني عبيد بن زيد أحد بني عمرو بن عوف ومن داره أخرج مسجد الشقاق، وثعلبة بن حاطب من بني عبيد وهو إلى بني أمية بن زيد، ومعتب بن قشير من بني ضبيعة بن زيد، وأبو حبيبة بن الأزعر من بني ضبيعة بن زيد، وعباد بن حنيف أخو سهل بن حنيف عمرو بن عوف، وجارية بن عامر وأبناه: مجمع بن جارية، وزيد بن جارية، ونبتل بن الحرث وهم من بني ضبيعة، وبَخْدَج وهو إلى بني ضبيعة، وبجاد بن عثمان وهو من بني ضبيعة، ووديعة بن ثابت وهو إلى بني أمية رهط أبي لبابة بن عبد المنذر.. فتأويل الكلام: والذين ابتنوا مسجداً ضراراً لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفرا بالله لمحادّتهم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ويفرّقوا به المؤمنين ليصلي فيه بعضهم دون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعضهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيختلفوا بسبب ذلك ويفترقوا.

السابقالتالي
2 3 4