الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ } * { لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } * { ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ } * { فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } * { وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ } * { وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُمْ مُّكَذِّبِينَ } * { وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { وَإِنَّهُ لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ } * { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ }

{ ولو تَقوَّل علينا بَعْضَ الأقاويل } أي تكلّف علينا بعض الأكاذيب، حكاه عن كفار قريش أنهم قالوا ذلك في النبي صلى الله عليه وسلم.

{ لأخْذنا منه باليمين } فيه خمسة تأويلات:

أحدها: لأخذنا منه قوّته كلها، قاله الربيع.

الثاني: لأخذنا منه بالحق، قاله السدي والحكم، ومنه قول الشاعر:

إذا ما رايةٌ رُفِعَتْ لمجدٍ   تَلَقّاها عَرابةُ باليَمينِ
أي بالاستحقاق.

الثالث: لأخذنا منه بالقدرة، قاله مجاهد.

الرابع: لقطعنا يده اليمنى، قاله الحسن.

الخامس: معناه لأخذنا بيمينه إذلالاً له واستخفافاً به، كما يقال لما يراد به الهوان، خذوا بيده، حكاه أبو جعفر الطبري.

{ ثم لَقَطَعْنا مِنه الوَتينَ } فيه أربعة أقاويل:

أحدها: أنه نياط القلب ويسمى حبل القلب، وهو الذي القلب معلق به، قاله ابن عباس.

الثاني: أنه القلب ومراقّه وما يليه، قاله محمد بن كعب.

الثالث: أنه الحبل الذي في الظهر، قاله مجاهد.

الرابع: أنه عرق بين العلباء والحلقوم، قاله الكلبي.

وفي الإشارة إلى قطع ذلك وجهان:

أحدهما: إرادة لقتله وتلفه، كما قال الشاعر:

إذا بَلَّغْتِني وَحَمَلْتِ رحْلي   عرابة فاشربي بدَمِ الوَتينِ
الثاني: ما قاله عكرمة أن الوَتين إذا قطع لا إن جاع عَرَق، ولا إن شبع عَرَقَ.

{ وإنه لتَذْكرةٌ للمُتّقِينَ } يعني القرآن، وفي التذكرة أربعة أوجه:

أحدها: رحمة.

الثاني: ثَبات.

الثالث: موعظة.

الرابع: نجاة.

{ وإنّا لَنَعْلَمُ أنَّ منكم مُكذِّبينَ } قال الربيع: يعني بالقرآن.

{ وإنّه } يعني القرآن.

{ لَحسْرةٌ على الكافرين } يعني ندامة يوم القيامة.

ويحتمل وجهاً ثانياً: أن يزيد حسرتهم في الدنيا حين لم يقدروا على معارضته عند تحدّيهم أن يأتوا بمثله.

{ وإنّه لَحقُّ اليقينِ } فيه وجهان:

أحدهما: أي حقاً ويقيناً ليكونن الكفر حسرة على الكافرين يوم القيامة، قاله الكلبي.

الثاني: يعني القرآن عند جميع الخلق أنه حق، قال قتادة: إلا أن المؤمن أيقن به في الدنيا فنفعه، والكافر أيقن به في الآخرة فلم ينفعه.

{ فَسَبِّحْ باسْمِ ربِّكَ العظيم } فيه وجهان:

أحدهما: فصلِّ لربك، قاله ابن عباس.

الثاني: فنزهه بلسانك عن كل قبيح.