قوله تعالى: { وكذلك أعثرنا عليهم } أي: وكما أنمناهم وبعثناهم، أطلعنا وأظهرنا عليهم. قال ابن قتيبة: وأصل هذا أن من عَثَر بشيء وهو غافل، نظر إِليه حتى يعرفه، فاستعير العِثار مكان التبيين والظهور، ومنه قول الناس: ما عثرت على فلان بسوءٍ قط، أي: ما ظهرت على ذلك منه. قوله تعالى: { ليعلموا } في المشار إِليهم بهذا العلم قولان. أحدهما: أنهم أهل بلدهم حين اختصموا في البعث، فبعث الله أهل الكهف ليعلموا { أن وعد الله } بالبعث والجزاء { حَقٌّ } وأن القيامة لا شك فيها، هذا قول الأكثرين. والثاني: أنهم أهل الكهف، بعثناهم ليرَوْا بعد علمهم أن وعد الله حق، ذكره الماوردي. قوله تعالى: { إِذ يتنازعون } يعني: أهل ذلك الزمان. قال ابن الأنباري: المعنى: إِذ كانوا يتنازعون، ويجوز أن يكون المعنى: إِذ تنازعوا. وفي ما تنازعوا فيه خمسة أقوال. أحدها: أنهم تنازعوا في البنيان، والمسجد. فقال المسلمون: نبني عليهم مسجداً، لأنهم على ديننا؛ وقال المشركون: نبني عليهم بنياناً، لأنهم من أهل سُنَّتنا، قاله ابن عباس. والثاني: أنهم تنازعوا في البعث، فقال المسلمون: تُبعث الأجساد والأرواح، وقال بعضهم: تُبعث الأرواح دون الأجساد، فأراهم الله تعالى بعث الأرواح والأجساد ببعثه أهل الكهف، قاله عكرمة. والثالث: أنهم تنازعوا ما يصنعون بالفتية، قاله مقاتل. والرابع: أنهم تنازعوا في قدْر مكثهم. والخامس: تنازعوا في عددهم، ذكرهما الثعلبي. قوله تعالى: { ابنوا عليهم بنياناً } أي: استروهم من الناس بأن تجعلوهم وراء ذلك البنيان. وفي القائلين لَهذا قولان. أحدهما: أنهم مشركو ذلك الزمان، وقد ذكرناه عن ابن عباس. والثاني: أنهم الذين أسلموا حين رأوا أهل الكهف، قاله ابن السائب. قوله تعالى: { قال الذين غَلَبوا على أمرهم } قال ابن قتيبة: يعني المُطاعين والرؤساء، قال المفسرون: وهم الملك وأصحابه المؤمنون اتخذوا عليهم مسجداً. قال سعيد بن جبير: بنى عليهم الملك بِيعة.