الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ }

{ والله } المحيط بكل شئ علما وقدرة { خلقكم } اوجدكم واخرجكم من العدم الى الوجود. وبالفارسية { ازظلمت آباد نا بود بصحراى انوار وجود آورد { ثم يتوفاكم } اى يقبض ارواحكم على اختلاف الاسنان صبيانا وشبانا وكهولا فلا يقدر الصغير على ان يؤخر ولا الكبير على ان يقدم فمنكم من يموت حال قوته { ومنكم من يرد } قبل توفيه اى يعاد { الى ارذل العمر } اخسه واحقره وهو الهرم والخرف الذى يعود فيه كهيئته الاولى فى اوان طفوليته ضعيف البنية ناقص القوة والعقل قليل الفهم وليس له حد معلوم فى الحقيقة لانه رب ابن ستين انتهى الى ارذل العمر ورب ابن مائة لم يرد اليه. وقال قتادة اذا بلغ تسعين سنة يتعطل عن العمل والتصرف والاكتساب والحج والغزو ونحوها ولذا دعا محمد بن على الواسطى لنفسه فقال
يا رب لا تحينى الى زمن اكون فيه كلا على احد   
خذ بيدى قبل ان اقول لمن القاه عند القيام خذ بيدى وسأل الحجاج شيخا كيف طعمك قال اذا اكلت ثقلت واذا تركت ضعفت فقال كيف نومك قال انام فى المجمع واسهر فى المهجع فقال كيف قيامك وقعودك قال اذا قعدت تباعدت عنى الارض واذا قمت لزمتنى فقال كيف مشيك قال تعقلنى الشعرة وتعثرنى البعرة { لكيلا يعلم بعد علم شيئًا } ليصير الى حالة شبيهة بحال الطفولية فى سوء الفهم والنسيان وان يعلم شيئًا ثم يسرع فى نسيانه فلا يعلمه ان سئل عنه فمؤدى الكلام لينسى ما يعلم وهو يستلزم ان لا يعلم زيادة علم على علمه لانه اذا كان حاله بحيث ينسى ما علم فكيف يزيد علمه واللام فى لكى هى لا م كى دخلت على كى للتأكيد وهى متعلقة بيرد. وقال بعضهم اللام جارة وكى حرف مصدرى كأن وشيئًا مفعول لا يعلم { ان الله عليم } بمقادير اعمالكم. قال الكاشفى داناست وجهل بردانايى او طارى نشود { قدير } تواناست وعجز برتوانايى اوراه نيايد اى قدير على كل شئ يميت الشاب النشيط ويبقى الهرم الفانى قال الشيخ سعدى قدس سره.
اى بسا اسب تيزروكه بماند كه خرلنك جان بمنزل برد بس كه درخاك تن درستانزرا دفن كردند وزخم خورده نمرد   
وفيه تنبيه على ان تفاوت الآجال ليس الا بتقدير قادر حكيم ركب ابنيتهم وعدل امزجتهم على قدر معلوم ولو كان ذلك مقتضى الطبائع لما بلغ التفاوت هذا المبلغ. قالوا اسنان الانسان سبعة اطوار. طور الفضولية الى سبع سنين. ثم الصبى الى اربع عشرة سنة. ثم الشباب الى اثنتين وثلاثين سنة ثم الكهولة. ثم الشيخوخة. ثم الهرم الى منتهى العمر. وفى الارشاد ضبطوا مراتب العمر فى اربع الاولى سن النشو والنماء.

السابقالتالي
2