الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ }

في الآية مسائل: المسألة الأولى: ما في قوله: { مَا أَغْنَىٰ } يحتمل أن يكون استفهاماً بمعنى الإنكار، ويحتمل أن يكون نفياً، وعلى التقدير الأول يكون المعنى أي تأثير كان لماله وكسبه في دفع البلاء عنه، فإنه لا أحد أكثر مالاً من قارون فهل دفع الموت عنه، ولا أعظم ملكاً من سليمان فهل دفع الموت عنه، وعلى التقدير الثاني يكون ذلك إخباراً بأن المال والكسب لا ينفع في ذلك. المسألة الثانية: ما كسب مرفوع وما موصولة أو مصدرية يعني مكسوبه أو كسبه، يروى أنه كان يقول: إن كان ما يقول ابن أخي حقاً فأنا أفتدي منه نفسي بمالي وأولادي، فأنزل الله تعالى هذه الآية، ثم ذكروا في المعنى وجوهاً: أحدها: لم ينفعه ماله وما كسب بماله يعني رأس المال والأرباح وثانيها: أن المال هو الماشية وما كسب من نسلها، ونتاجها، فإنه كان صاحب النعم والنتاج وثالثها: { مَالَهُ } الذي ورثه من أبيه والذي كسبه بنفسه ورابعها: قال ابن عباس: { ما كسب } ولده، والدليل عليه قوله عليه السلام: " إن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه " وقال عليه السلام: " أنت ومالك لأبيك " وروي أن بني أبي لهب احتكموا إليه فاقتتلوا فقام يحجز بينهم فدفعه بعضهم فوقع: فغضب فقال: أخرجوا عني الكسب الخبيث وخامسها: قال الضحاك: ما ينفعه ماله وعمله الخبيث يعني كيده في عداوة رسول الله وسادسها: قال قتادة: { وَمَا كَسَبَ } أي عمله الذي ظن أنه منه على شيء كقوله:وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ } [الفرقان: 23] وفي الآية سؤالات: السؤال الأول: قال ههنا: { مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ } وقال في سورة: { وَٱلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ }وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ } [الليل: 11] فما الفرق؟ الجواب: التعبير بلفظ الماضي يكون آكد كقوله:مَا أَغْنَىٰ عَنّى مَالِيَه } [الحاقة: 28] وقوله:أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ } [النحل: 1]. السؤال الثاني: ما أغنى عنه ماله وكسبه فيماذا؟ الجواب: قال بعضهم في عداوة الرسول: فلم يغلب عليه، وقال بعضهم: بل لم يغنيا عنه في دفع النار ولذلك قال: { سَيَصْلَىٰ }.