الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ يُغْشِى ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }

المسألة الثانية: المراد بزوجين اثنين، صنفين اثنين والاختلاف إما من حيث الطعم كالحلو والحامض أو الطبيعة كالحار والبارد أو اللون كالأبيض والأسود. فإن قيل: الزوجان لا بد وأن يكون اثنين، فما الفائدة في قوله: { زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ }. قلنا: قيل إنه تعالى أول ما خلق العالم وخلق فيه الأشجار خلق من كل نوع من الأنواع اثنين فقط، فلو قال: خلق زوجين لم يعلم أن المراد النوع أو الشخص. أما لما قال اثنين علمنا أن الله تعالى أول ما خلق من كل زوجين اثنين لا أقل ولا أزيد. والحاصل أن الناس فيهم الآن كثرة إلا أنهم لما ابتدؤا من زوجين اثنين بالشخص هما آدم وحواء، فكذلك القول في جميع الأشجار والزرع، والله أعلم. النوع الرابع: من الدلائل المذكورة في هذه الآية الاستدلال بأحوال الليل والنهار وإليه الإشارة بقوله: { يغشي الليل النهار } والمقصود أن الإنعام لا يكمل إلا بالليل والنهار وتعاقبهما كما قال:فَمَحَوْنَا ءايَةَ ٱلَّيْلِ وَجَعَلْنَا ءايَةَ ٱلنَّهَارِ مُبْصِرَةً } [الإسراء: 12] ومنه قوله:يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً } [الأعراف: 54] وقد سبق الاستقصاء في تقريره فيما سلف من هذا الكتاب، قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم: { يُغْشِى } بالتشديد وفتح الغين والباقون بالتخفيف، ثم إنه تعالى لما ذكر هذه الدلائل النيرة والقواطع القاهرة قال: { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }.

PreviousNext
1 2 4