الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } * { ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ }

أما قوله: { ٱلْحَقُّ مِن رَّبّكَ } ففيه مسألتان: المسألة الأولى: يحتمل أن يكون الحق خبر مبتدأ محذوف، أي هو الحق، وقوله: { مِن رَبّكَ } يجوز أن يكون خبراً بغير خبر، وأن يكون حالاً، ويجوز أيضاً أن يكون مبتدأ خبره: { مِن رَبّكَ } وقرأ علي رضي الله عنه: الحق من ربك على الإبدال من الأول، أي يكتمون الحق من ربك. المسألة الثانية: الألف واللام في قوله: { ٱلْحَقّ } فيه وجهان: الأول: أن يكون للعهد، والإشارة إلى الحق الذي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إلى الحق الذي في قوله: { لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ } أي هذا الذي يكتمونه هو الحق من ربك، وأن يكون للجنس على معنى: الحق من الله تعالى لا من غيره يعني إن الحق ما ثبت أنه من الله تعالى كالذي أنت عليه وما لم يثبت أنه من الله كالذي عليه أهل الكتاب فهو الباطل. أما قوله: { فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } ففيه مسألتان: المسألة الأولى: { فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } في ماذا اختلفوا فيه على أقوال. أحدها: فلا تكونن من الممترين في أن الذين تقدم ذكرهم علموا صحة نبوتك، وأن بعضهم عاند وكتم، قاله الحسن. وثانيها: بل يرجع إلى أمر القبلة. وثالثها: إلى صحة نبوته وشرعه، وهذا هو الأقرب لأن أقرب المذكورات إليه قوله: { ٱلْحَقُّ مِن رَّبّكَ } فإذا كان ظاهره يقتضي النبوة وما تشتمل عليه من قرآن ووحي وشريعة، فقوله: { فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } وجب أن يكون راجعاً إليه. المسألة الثانية: أنه تعالى وإن نهاه عن الامتراء فلا يدل ذلك على أنه كان شاكاً فيه، وقد تقدم القول في بيان هذه المسألة والله أعلم.

PreviousNext
1 2