الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِيۤ إِنَّكُم مّتَّبَعُونَ } * { فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } * { إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ } * { وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ } * { وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ } * { فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } * { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ } * { فَلَمَّا تَرَاءَى ٱلْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } * { قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } * { فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ ٱلآخَرِينَ } * { وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ } * { ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلآخَرِينَ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }

لفظ مسلم. وقال البخاريّ من طريق شَريك عن أنس " فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يَطَّرِدان فقال ما هذان النهران يا جبريل قال هذا النيل والفرات عنصرهما ثم مضى في السماء فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من اللؤلؤ والزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أذفر فقال ما هذا يا جبريل فقال هذا هو الكوثر الذي خبأ لك ربُّك " وذكر الحديث. والجمهور على أن المراد بالعيون عيون الماء. وقال سعيد بن جبير: المراد عيون الذهب. وفي الدخانكَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ } [الدخان: 25 ـ 26]. قيل: إنهم كانوا يزرعون ما بين الجبلين من أوّل مصر إلى آخرها. وليس في الدخان { وكنوز }. { وكنوز } جمع كنز وقد مضى هذا في سورة «براءة». والمراد بها هاهنا الخزائن. وقيل: الدفائن. وقال الضحاك: الأنهار وفيه نظر لأن العيون تشملها. { وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } قال ابن عمر وابن عباس ومجاهد: المقام الكريم المنابر وكانت ألف مِنبر لألف جبّار يُعظّمون عليها فرعون ومُلكه. وقيل: مجالس الرؤساء والأمراء حكاه ابن عيسى وهو قريب من الأول. وقال سعيد بن جبير: المساكن الحسان. وقال ابن لهيعة: سمعت أن المقام الكريم الفيوم. وقيل: كان يوسف عليه السلام قد كتب على مجلس من مجالسه لا إلٰه إلا الله إبراهيم خليل الله فسماها الله كريمة بهذا. وقيل: مرابط الخيل لتفرد الزعماء بارتباطها عُدّة وزينة فصار مقامها أكرم منزل بهذا ذكره الماوردي. والأظهر أنها المساكن الحسان كانت تكرم عليها. والمقام في اللغة يكون الموضع ويكون مصدراً. قال النحاس: المقام في اللغة الموضع من قولك قام يقوم، وكذا المقامات واحدها مقامة كما قال:
وفيهم مَقَاماتٌ حِسانٌ وجوهُهم   وأنديةٌ ينتابُها القولُ والفعلُ
والمقام أيضاً المصدر من قام يقوم. والمقام بالضم الموضع من أقام. والمصدر أيضاً من أقام يقيم. قوله تعالى: { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } يريد أن جميع ما ذكره الله تعالى من الجنات والعيون والكنوز والمقام الكريم أورثه الله بني إسرائيل. قال الحسن وغيره: رجع بنو إسرائيل إلى مصر بعد هلاك فرعون وقومه. وقيل: أراد بالوراثة هنا ما استعاروه من حليّ آل فرعون بأمر الله تعالى. قلت: وكلا الأمرين حصل لهم. والحمد لله. { فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ } أي فتبع فرعون وقومه بني إسرائيل. قال السدي: حين أشرقت الشمس بالشعاع. وقال قتادة: حين أشرقت الأرض بالضياء. قال الزجاج: يقال شَرَقت الشمسُ إذا طلعت، وأشرقت إذا أضاءت. واختلف في تأخر فرعون وقومه عن موسى وبني إسرائيل على قولين: أحدهما: لاشتغالهم بدفن أبكارهم في تلك الليلة لأن الوباء في تلك الليلة وقع فيهم فقوله: { مُشْرِقِينَ } حال لقوم فرعون.

PreviousNext
1 2 3 5 6