الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّيۤ أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

ومن قرأ بذلك قرأ { تَتَّخِذَ } بإسقاط الهمزة وهو مفعول به لفعل محذوف أي أتعبد ازراً على أنه اسم صنم ويكون { تَتَّخِذَ } الخ بياناً لذلك وتقريراً وهو داخل تحت الإنكار أو مفعول له على أنه بمعنى القوة أي أَلأجْلِ القوة تتخذ أصناماً آلهة. والكلام إنكار لتعززه بها على طريقة قوله تعالى:أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ } [النساء: 139] وجوز أن يكون حالاً أو مفعولاً ثانياً لتتخذ.

وأعرب بعضهم «ءازر» على قراءة الجمهور على أنه مفعول لمحذوف وهو بمعنى الصنم أيضاً أي أتعبد ءازر، وجعل قوله سبحانه { أَتَتَّخِذُ } الخ تفسيراً وتقريراً بمعنى أنه قرينة على الحذف لا بمعنى التفسير المصطلح عليه في باب الاشتغال لأن ما بعد الهمزة لا يعمل فيما قبلها وما لا يعمل لا يفسر عاملاً كما تقرر عندهم. والذي عول عليه الجم الغفير من أهل السنة أن ءازر لم يكن والد إبراهيم عليه السلام وادعوا أنه ليس في آباء النبـي صلى الله عليه وسلم كافر / أصلاً لقوله عليه الصلاة والسلام " لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات والمشركون نجس " ، وتخصيص الطهارة بالطهارة من السفاح لا دليل له يعول عليه. والعبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب. وقد ألفوا في هذا المطلب الرسائل واستدلوا له بما استدلوا، والقول بأن ذلك قول الشيعة كما ادعاه الإمام الرازي ناشىء من قلة التتبع، وأكثر هؤلاء على أن ءازر اسم لعم إبراهيم عليه السلام، وجاء إطلاق الأب على العم في قوله تعالى:أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِى قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ } [البقرة: 133] وفيه إطلاق الأب على الجد أيضاً.

وعن محمد بن كعب القرظي أنه قال: الخال والد والعم والد وتلا هذه الآية. وفي الخبر «ردوا على أبي العباس» وأيد بعضهم دعوى أن أبا إبراهيم عليه السلام الحقيقي لم يكن كافرا وإنما الكافر عمه بما أخرجه ابن المنذر في «تفسيره» بسند صحيح عن سليمان بن صرد قال: لما أرادوا أن يلقوا إبراهيم عليه السلام من النار جعلوا يجمعون الحطب حتى إن كانت العجوز لتجمع الحطب فلما تحقق ذلك قال: حسبي الله تعالى ونعم الوكيل فلما ألقوه قال الله تعالى:قُلْنَا يٰنَارُ كُونِى بَرْداً وَسَلَـٰمَا عَلَىٰ إِبْرٰهِيمَ } [الأنبياء: 69] فكانت فقال عمه من أجلي دفعه عنه فأرسل الله تعالى عليه شرارة من النار فوقعت على قدمه فأحرقته. وبما أخرج عن محمد بن كعب وقتادة ومجاهد والحسن وغيرهم أن إبراهيم عليه السلام لم يزل يستغفر لأبيه حتى مات فلما مات تبين له أنه عدو لله فلم يستغفر له ثم هاجر بعد موته وواقعة النار إلى الشام ثم دخل مصر واتفق له مع الجبار ما اتفق ثم رجع إلى الشام ومعه هاجر ثم أمره الله تعالى أن ينقلها وولدها إسمعيل إلى مكة فنقلهما ودعا هناك فقال:

PreviousNext
1 3 4 5