الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ } * { وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ } * { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } * { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ } * { وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } * { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ } * { لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } * { ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ } * { فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } * { وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ } * { وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُمْ مُّكَذِّبِينَ } * { وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { وَإِنَّهُ لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ } * { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ }

وقوله { قليلاً ما تؤمنون } توبيخ لمجتمعهم حيث إن الأكثرين منهم لم يؤمنوا وما آمن به إلا قليل منهم. قوله تعالى { ولا بقول كاهن قليلاً ما تذكَّرون } نفي أن يكون القرآن كهانة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم كاهناً يأخذ القرآن من الجن وهم يُلقونه إليه. وقوله { قليلاً ما تذكَّرون } توبيخ أيضاً لمجتمعهم. قوله تعالى { تنزيل من رب العالمين } أي منزَّل من رب العالمين وليس من صنع الرسول نسبه إلى الله كما تقدَّمت الإشارة إليه. قوله تعالى { ولو تقوَّل علينا بعض الأقاويل } إلى قوله { حاجزين } يقال تقوَّل على فلان أي اختلق قولاً من نفسه ونسبه إليه، والوتين - على ما ذكره الراغب - عرق يسقي الكبد وإذا انقطع مات صاحبه، وقيل هو رباط القلب. والمعنى { ولو تقوَّل علينا } هذا الرسول الكريم الذي حمَّلناه رسالتنا وأرسلناه إليكم بقرآن نزَّلناه فيؤخذ بيده أو المراد قطعنا منه يده اليمنى أو المراد لانتقمنا منه بالقوة كما في رواية القمي { ثم لقطعنا منه الوتين } وقتلناه لتقوُّله علينا { فما منكم من أحد عنه حاجزين } تحجبونه عنا وتنجونه من عقوبتنا وإهلاكنا. وهذا تهديد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم على تقدير أن يفتري على الله كذباً وينسب إليه شيئاً لم يقله وهو رسول من عنده أكرمه بنبوّته واختاره لرسالته. فالآيات في معنى قولهلولا أن ثبّتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً إذن لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً } الإسراء 74-75، وكذا قوله في الأنبياء بعد ذكر نعمه العظمى عليهمولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون } الأنعام 88. فلا يرد أن مقتضى الآيات أن كل من ادّعى النبوة وافترى على الله الكذب أهلكه الله وعاقبه في الدنيا أشدّ العقاب وهو منقوض ببعض مدّعي النبوة من الكذابين. وذلك أن التهديد في الآية متوجه إلى الرسول الصادق في رسالته لو تقول على الله ونسب إليه بعض ما ليس منه لا مطلق مدّعي النبوة المفتري على الله في دعواه النبوة وإخباره عن الله تعالى. قوله تعالى { وإنه لتذكرة للمتقين } يذكرهم كرامة تقواهم ومعارف المبدأ والمعاد بحقائقها، ويعرفهم درجاتهم عند الله ومقاماتهم في الآخرة والجنة وما هذا شأنه لا يكون تقوّلاً وافتراء فالآية مسوقة حجة على كون القرآن منزهاً عن التقول والفرية. قوله تعالى { وإنا لنعلم أن منكم مكذبين وإنه لحسرة على الكافرين } ستظهر لهم يوم الحسرة. قوله تعالى { وإنه لحق اليقين فسبح باسم ربك العظيم } قد تقدم كلام في نظيرتي الآيتين في آخر سورة الواقعة، والسورتان متحدتان في الغرض وهو وصف يوم القيامة ومتحدتان في سياق خاتمتهما وهي الإقسام على حقيقة القرآن المنبئ عن يوم القيامة، وقد ختمت السورتان بكون القرآن وما أنبأ به عن وقوع الواقعة حق اليقين ثم الأمر بتسبيح اسم الرب العظيم المنزّه عن خلق العالم باطلا لا معاد فيه وعن أن يبطل المعارف الحقة التي يعطيها القرآن في أمر المبدأ والمعاد.

PreviousNext
1