البقرة 133 فإسماعيل عمه دخل في آبائه تغليباً، وكما قال في قوله{ فَسَجَدَ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُون إِلاَّ إِبْلِيسَ } الحجر30-31 فدخل إبليس في أمر الملائكة بالسجود، وذم على المخالفة لأنه كان قد تشبه بهم، فعومل معاملتهم، ودخل معهم تغليباً، وإلا فهو كان من الجن، وطبيعته من النار، والملائكة من النور، وفي ذكر عيسى عليه السلام في ذرية إبراهيم أو نوح، على القول الآخر، دلالة على دخول ولد البنات في ذرية الرجل لأن عيسى عليه السلام إنما ينسب إلى إبراهيم عليه السلام، بأمه مريم عليها السلام، فإنه لا أب له. قال ابن أبي حاتم حدثنا سهل بن يحيى العسكري، حدثنا عبد الرحمن بن صالح، حدثنا علي بن عابس، عن عبد الله بن عطاء المكي، عن أبي حرب بن أبي الأسود، قال أرسل الحجاج إلى يحيى بن يعمر، فقال بلغني أنك تزعم أن الحسن والحسين من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم تجده في كتاب الله، وقد قرأته من أوله إلى آخره، فلم أجده؟ قال أليس تقرأ سورة الأنعام { وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَـٰنَ } حتى بلغ { وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ }؟ قال بلى، قال أليس عيسى من ذرية إبراهيم، وليس له أب؟ قال صدقت. فلهذا إذا أوصى الرجل لذريته، أو وقف على ذريته، أو وهبهم، دخل أولاد البنات فيهم، فأما إذا أعطى الرجل بنيه، أو وقف عليهم، فإنه يختص بذلك بنوه لصلبه، وبنو بنيه، واحتجوا بقول الشاعر العربي
وقال آخرون ويدخل بنو البنات فيهم أيضاً لما ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للحسن بن علي " إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين " فسماه ابناً، فدل على دخوله في الأبناء. وقال آخرون هذا تجوز، وقوله { وَمِنْ ءابَائِهِمْ وَذُرِّيَّـٰتِهِمْ وَإِخْوَٰنِهِمْ } ذكر أصولهم وفروعهم، وذوي طبقتهم، وأن الهداية والاجتباء شملهم كلهم، ولهذا قال { وَٱجْتَبَيْنَـٰهُمْ وَهَدَيْنَـٰهُمْ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } ثم قال تعالى { ذٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِى بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } أي إنما حصل لهم ذلك بتوفيق الله وهدايته إياهم، { وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } تشديد لأمر الشرك، وتغليظ لشأنه، وتعظيم لملابسته كقوله تعالى{ وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } الزمر 65 الآية، وهذا شرط، والشرط لا يقتضي جواز الوقوع، كقوله{ قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَـٰبِدِينَ } الزخرف 81 وكقوله{ لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاَّتَّخَذْنَـٰهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَـٰعِلِينَ } الأنبياء 17 وكقوله{ لَّوْ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً لاَّصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ سُبْحَـٰنَهُ هُوَ ٱللَّهُ ٱلْوَٰحِدُ ٱلْقَهَّارُ }