الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَٰتُكُمْ وَبَنَٰتُكُمْ وَأَخَوَٰتُكُمْ وَعَمَّٰتُكُمْ وَخَالَٰتُكُمْ وَبَنَاتُ ٱلأَخِ وَبَنَاتُ ٱلأُخْتِ وَأُمَّهَٰتُكُمُ الَّٰتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَٰئِلُ أَبْنَائِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلَٰبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ ٱلأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَٰلِكُمْ مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَٰضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ ٱلْفَرِيضَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } * { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُم مِّن فَتَيَٰتِكُمُ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَٰنِكُمْ بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ مُحْصَنَٰتٍ غَيْرَ مُسَٰفِحَٰتٍ وَلاَ مُتَّخِذَٰتِ أَخْدَانٍ فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَٰحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَٰتِ مِنَ ٱلْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ ٱلْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً } * { يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ ٱلإِنسَانُ ضَعِيفاً }

والأوّل أولى، وأراد سبحانه بالأموال المذكورة ما يدفعونه في مهور الحرائر وأثمان الإماء. قوله { فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَـئَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } «ما» موصولة فيها معنى الشرط، والفاء في قوله { فَـئَاتُوهُنَّ } لتضمن الموصول معنى الشرط، والعائد محذوف، أي فآتوهنّ أجورهنّ عليه. وقد اختلف أهل العلم في معنى الآية فقال الحسن، ومجاهد، وغيرهما المعنى فما انتفعتم، وتلذذتم بالجماع من النساء بالنكاح الشرعي { فآتوهن أجورهن } أي مهورهنّ. وقال الجمهور إن المراد بهذه الآية نكاح المتعة الذي كان في صدر الإسلام، ويؤيد ذلك قراءة أبيّ بن كعب، وابن عباس، وسعيد بن جبير " فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فآتوهن أجورهن } ثم نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم، كما صحّ ذلك من حديث عليّ قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم، عن نكاح المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر، وهو في الصحيحين وغيرهما، وفي صحيح مسلم من حديث سبرة بن معبد الجهني، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم فتح مكة " يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، والله قد حرّم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهنّ شيء، فليخلّ سبيلها، ولا تأخذوا مما آتيتموهنّ شيئاً " وفي لفظ لمسلم أن ذلك كان في حجة الوداع، فهذا هو الناسخ. وقال سعيد بن جبير نسختها آيات الميراث إذ المتعة لا ميراث فيها. وقالت عائشة، والقاسم بن محمد تحريمها، ونسخها في القرآن، وذلك قوله تعالىوَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَـٰفِظُونَ إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوٰجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } المؤمنون 5، 6 وليست المنكوحة بالمتعة من أزواجهم، ولا مما ملكت أيمانهم، فإن من شأن الزوجة أن ترث، وتورث، وليست المستمتع بها كذلك. وقد روي عن ابن عباس أنه قال بجواز المتعة، وأنها باقية لم تنسخ. وروي عنه أنه رجع عن ذلك عند أن بلغه الناسخ. وقد قال بجوازها جماعة من الروافض، ولا اعتبار بأقوالهم. وقد أتعب نفسه بعض المتأخرين بتكثير الكلام على هذه المسألة، وتقوية ما قاله المجوّزون لها، وليس هذا المقام مقام بيان بطلان كلامه. وقد طوّلنا البحث، ودفعنا الشبه الباطلة التي تمسك بها المجوّزون لها في شرحنا للمنتقي، فليرجع إليه. قوله { فَرِيضَةً } منتصب على المصدرية المؤكدة، أو على الحال، أي مفروضة. قوله { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ ٱلْفَرِيضَةِ } أي من زيادة، أو نقصان في المهر، فإن ذلك سائغ عند التراضي، هذا عند من قال بأن الآية في النكاح الشرعي، وأما عند الجمهور القائلين بأنها في المتعة، فالمعنى التراضي في زيادة مدّة المتعة، أو نقصانها، أو في زيادة ما دفعه إليها إلى مقابل الاستمتاع بها، أو نقصانه.

PreviousNext
1 2 3 4 5 6 7 8 10  مزيد